للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يَكادُ الإنسانُ يَنْسَلِخُ منهُ فيَصومُهُ (١).

وقالَ كَعْبٌ: إنَّ الله عَزَّ وجَلَّ قالَ لموسى عليهِ السَّلامُ: إنِّي آلَيْتُ على نفسي أنَّهُ مَن عَطَّشَ نفسَهُ لي أنْ أُرْوِيَهُ يومَ القيامةِ.

وقالَ غيرُهُ: مكتوبٌ في التَّوراةِ: طوبى لمَن جَوَّعَ نفسَهُ ليومِ الشِّبعِ الأكبرِ، طوبى لمَن عَطَّشَ نفسَهُ ليومِ الرِّيِّ الأكبرِ.

وقالَ الحَسَنُ: تَقولُ الحوراءُ لوليِّ اللهِ وهوَ متَّكئ معَها على نهرِ الخمرِ في الجنَّةِ تُعاطيهِ الكأْسَ في أنعمِ عيشةٍ: أتَدْري في أيِّ يومٍ زَوَّجَنيكَ اللهُ؟ إنَّهُ نَظَرَ إليكَ في يومٍ صائفٍ بعيدِ ما بينَ الطَّرفينِ، وأنتَ في ظمإ هاجرةٍ مِن جهدِ العطشِ، فباهى بكَ الملائكةَ وقالَ: انْظُروا إلى عبدي، تَرَكَ زوجتَهُ ولذَّتَهُ وطعامَهُ وشرابَهُ مِن أجلي؛ رغبةً فيما عندي، اشْهَدوا أنِّي قد غَفَرْتُ لهُ. فغَفَرَ لكَ يومئذٍ وزَوَّجَنيكَ (٢).

لمَّا سارَ عامِرُ بنُ عَبْدِ قَيْسٍ مِن البصرةِ إلى الشَّامِ كانَ مُعاوِيَةُ يَسْألُهُ أنْ يَرْفَعَ إليهِ حوائجَهُ فَيَأْبى، فلمَّا أكْثَرَ عليهِ؛ قالَ: حاجتي أنْ تَرُدَّ عليَّ مِن حرِّ البصرةِ، لَعَلَّ الصَّومَ أنْ يَشْتَدَّ علي شيئًا؛ فإنَّهُ يَخِفُّ عليَّ في بلادِكُم.

نَزَلَ الحجَّاجُ في بعضِ أسفارِهِ بماءٍ بينَ مَكَّةَ والمَدينَةِ، فدَعا بغدائِهِ، ورَأى أعرابيًّا، فدَعاهُ إلى الغداءِ معَهُ، فقالَ لهُ: دَعاني مَن هوَ خيرٌ منكَ فأجَبْتُهُ. قالَ: ومَن هوَ؟ قالَ: اللهُ عَزَّ وجَلَّ، دَعاني إلى الصِّيامِ فصُمْتُ. قالَ: في هذا الحرِّ الشَّديدِ؟ قالَ: نعم؟ صُمْتُ ليومٍ هوَ أشدُّ منهُ حرًّا. قالَ: فأفْطِرْ وصُمْ غدًا. قالَ: إنْ ضَمِنْتَ ليَ البقاءَ


(١) (موقوف ضعيف). رواه: ابن أبي الدنيا في "الهواتف" (١٣)، وابن الجوزي في "صفة الصفوة" (١/ ٥٦٠)؛ من طريق لقيط، عن أبي بردة، عن موسى … به. وهذا سند واه من أجل لقيط هذا فإنّه مجهول لا يعرف إلّا بهذا الخبر الغريب وقد ضعّف.
ورواه البزّار (١٠٣٩ - كشف) من طريق عبد الله بن المؤمّل، عن عطاء، عن ابن عبّاس؛ أنّ النبيّ - صلى الله عليه وسلم - بعث أبا موسى … فذكره. قال البزّار: "لا نعلمه عن ابن عبّاس إلّا من هذا الوجه". قال المنذري: "إسناد حسن". وقال الهثمي: "رجاله موثّقون". وردّه العسقلاني بقوله: "بل عبد الله بن المؤمّل ضعيف جدًّا".
فهذه أسانيد هذا الخبر الغريب! فلا تغترّ به ولا بحسن سياقته.
(٢) مثل هذا الكلام لا ينبغي أن يقال إلّا بتوقيف! فإن صحّ سنده إلى الحسن؛ فليس له حكم الإرسال؛ لأنّه ربّما يكون من أقاصيص أهل الكتاب.

<<  <   >  >>