للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكانَ أبو الدَّرْداءِ يَقولُ: صوموا يومًا شديدًا حرُّهُ لحرِّ يومِ النُّشور، وصَلُّوا ركعتينِ في ظلمةِ الليلِ لظلمةِ القبور.

وفي الصَّحيحِ (١): عن أبي الدَّرْداءِ؛ قالَ: لقد رَأيْتُنا معَ رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - في بعضِ أسفارِهِ في اليومِ الحارِّ الشَّديدِ الحرِّ، وإنَّ الرَّجلَ لَيَضَعُ يدَهُ على رأْسِهِ مِن شدَّةِ الحرِّ، وما في القومِ أحدٌ صائمٌ إلَّا رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - وعَبْدَ اللهِ بنَ رَوَاحَةَ. وفي روايةٍ أن ذلكَ كانَ في شهرِ رمضانَ.

لمَّا صَبَرَ الصَّائمونَ للهِ في الحرِّ على شدَّةِ العطشِ والظَّمأ؛ أفْرَدَ لهُم بابًا مِن أبوابِ الجنَّةِ، وهوَ بابُ الرَّيَّانِ، مَن دَخَلَهُ شَرِبَ، ومَن شَرِبَ منهُ لمْ يَظْمَأْ بعدَها أبدًا، فإذا دَخَلوا أُغْلِقَ ذلكَ البابُ على مَن بعدَهُم فلا يَدْخُلُ منهُ غيرُهُم.

[٢] وقد تَحْدُثُ أحيانًا حوادثُ غيرُ معتادةٍ تُذَكِّرُ بالنَّارِ كالصَّواعقِ والرِّيحِ الحارَّةِ المحرقةِ للزَّرعِ:

قالَ اللهُ تَعالى: {وَيُرْسِلُ الصَّوَاعِقَ فَيُصِيبُ بِهَا مَنْ يَشَاءُ} [الرعد: ١٣].

وقد رُوِيَ أن الصَّواعقَ قطعةٌ مِن نارٍ تَطيرُ مِن في الملكِ الذي يَزْجُرُ السَّحابَ عندَ اشتدادِ غضبِهِ (٢).

وقالَ تَعالى: {فَأَصَابَهَا إِعْصَارٌ فِيهِ نَارٌ فَاحْتَرَقَتْ} [البقرة: ٢٦٦]. والإعصارُ: الرِّيحُ الشَّديدةُ العاصفُ التي فيها نارٌ، والصِّرُّ: الرِّيحُ الشَّديدةُ البردِ.


= "إسناد صحيح". وصحّحه الألباني.
على أنّه رواه: الدارقطني (١/ ٤١٩ - لسان الميزان)، والحاكم (١/ ٤٣٢)؛ من طريق محمّد بن نعيم السعدي، عن مالك، عن سميّ، عن أبي صالح، عن أبي هريرة … رفعه. قال الحاكم: "إن كان محمّد بن نعيم السعدي حفظه هكذا فإنّه صحيح على شرط الشيخين". ووافقه الذهبي. فهذه الطريق إن لم تنفع الطريق السابقة وتقوّيها فلن تضرّها. والله أعلم.
(١) البخاري (٣٠ - الصوم، ٣٥ - باب ٣/ ١٨٢/ ١٩٤٥)، ومسلم (١٣ - الصيام، ١٧ - التخيير في الصوم في السفر، ٢/ ٧٩٠/ ١١٢٢).
(٢) (موقوف ضعيف). رواه عبد بن حميد وابن جرير وأبو الشيخ في "العظمة" من قول شهر بن حوشب موقوفًا عليه فيما ذكره السيوطي في "الدرّ" (الرعد ١٣)، وشهر ضعيف، وليس لقوله هذا حكم الإرسال لأنّه لا يبعد أن يكون من أخبار أهل الكتاب، بل هو منها غالبًا.

<<  <   >  >>