للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفي كتابِ "الزُّهد" للإمام أحْمَدَ: عن عَطاءِ بن يَسارٍ؛ قالَ: قالَ موسى عليهِ السَّلامُ: يا ربِّ! مَن هُم أهلُكَ الذينَ هُم أهلُكَ، تُظِلُّهُم في ظلِّ عرشِكَ؟ قالَ: همُ البريَّةُ أيديهِم، الطَّاهرةُ قلوبُهُمُ، الذينَ يَتَحابُّونَ بجلالي، الذين إذا ذُكِرْتُ ذُكِروا بي وإذا ذُكِروا ذُكِرْتُ بذكرِهِم، الذينَ يُسْبِغونَ الوضوءَ في المكارهِ، ويُنيبونَ إلى ذكري كما تُنيبُ النُّسورُ إلى أوكارِها، ويَكْلَفونَ بحبِّي كما يَكْلَفُ الصَّبيُّ بحبِّ النَّاسِ، ويَغْضَبونَ لمحارمي إذا استُحِلَّتْ كما يَغْضَبُ النَّمرُ إذا حَرِبَ.

و [قد] رُوِيَ عن داوودَ بن رُشَيْدٍ؟ قالَ: قامَ رجلٌ ليلةً باردةً لِيَتَوَضَّأ للصَّلاةِ، فأصابَ الماءَ باردًا، فبَكى، فنودِيَ: أما تَرْضى أنَّا أنَمْناهُم وأقَمْناكَ حتَّى تَبْكِيَ علينا؟ خَرَّجَهُ ابنُ السَّمْعانِيِّ.

• معالجةُ الوضوءِ في جوفِ الليلِ للتهجُّدِ موجبٌ لرضى الرَّبِّ ومباهاةِ الملائكةِ، ففي شدَّةِ البردِ يَتَأكَّدُ ذلكَ.

ففي "المسند" و"صحيح ابن حِبَّان": عن عُقْبَةَ بن عامِرٍ، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -؛ قالَ: "رجلانِ مِن أُمَّتي، يَقومُ أحدُهُما مِن الليلِ [فـ]ــيعالجُ نفسَهُ إلى الطَّهورِ وعليهِ عقدٌ، فيَتَوَضَّأُ، فإذا وَضَّأ يديهِ انْحَلَّتْ عقدةٌ، وإذا وَضَّأ وجهَهُ انْحَلَّتْ عقدةٌ، وإذا مَسَحَ رأْسَهُ انْحَلَّتْ عقدةٌ، وإذا وَضَّأ رجليهِ انْحَلَّتْ عقدةٌ، فيَقولُ الرَّبُّ عَزَّ وجَلَّ للذيـ[ــن] وراءَ الحجابِ: انْظُروا إلى عبدي هذا يُعالجُ نفسَهُ، ما سَألَني عبدي هذا فهوَ لهُ" (١).

وفي حديثِ: عَطِيَّةَ، عن أبي سَعيدٍ، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -؛ قالَ: "إنَّ الله لَيَضْحَكُ إلى ثلاثةِ نفرٍ: رجلٌ قامَ مِن جوفِ الليلِ فأحْسَنَ الطُّهورَ ثمَّ صَلَّى … " (٢).

قالَ أبو سُلَيْمانَ الدَّارانِيُّ: كنتُ ليلةً باردةً في المحرابِ، فأقْلَقَنِيَ البردُ، فخَبَّأْتُ إحدى يديَّ مِن البردِ وبَقِيَتِ الأُخرى ممدودةً، فغَلَبَتْني عيني، فهَتَفَ بي هاتفٌ (٣): يا أبا


(١) (صحيح). تقدّم تفصيل القول فيه (ص ١١٣).
(٢) (حسن لشواهده). تقدّمت نكارة الحديث (ص ١١٠ - ١١٢) لكن هذه القطعة حسنة بشواهدها.
(٣) ما أكثر هواتفهم! لعلّك لا ترى رجلًا من القوم إلّا وقد رأى الله في يقظته أو في منامه أو سمع نداءه أو هتفت به ملائكته … يسمّون كلّ خاطر يرد في بالهم وفكرة تلتمع في ذهنهم هاتفًا!

<<  <   >  >>