للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فقَصَّرْتُ ونَهَيْتَني فعَصَيْتُ، ولكنْ لا إلهَ إلَّا اللهُ. ثمَّ رَفَعَ راسَهُ فأحَدَّ النَّظرَ. فقالوا لهُ: إنَّكَ تَنْظُرُ نظرًا شديدًا يا أميرَ المؤمنينَ! قالَ: إنِّي أرى حضرةً ما هُم بإنسٍ ولا جنٍّ. ثمَّ قُبِضَ رحمةُ اللهِ عليهِ. وسَمِعوا تاليًا يَتْلو: {تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ} [القصص: ٨٣].

يا غافِلَ القَلْبِ عَنْ ذِكْرِ المَنِيَّاتِ … عَمَّا قَليلٍ سَتَثْوي بَيْنَ أمْواتِ

فَاذْكُرْ مَحَلَّكَ مِنْ قَبْلِ الحُلولِ بِهِ … وَتُبْ إلى اللهِ مِنْ لَهْوٍ وَلَذَّاتِ

إنَّ الحِمامَ لَهُ وَقْتٌ إلى أجَلٍ … فَاذْكُرْ مَصائِبَ أيَّامٍ وَساعاتِ

لا تَطْمَئِنَّ إلى الدُّنْيا وَزينَتِها … قَدْ حانَ لِلْمَوْتِ يا ذا اللُبِّ أنْ يَاتي

• التَّوبةَ التَّوبة، قبلَ أنْ يَصِلَ إليكُم مِن الموتِ النَّوبة، فيَحْصُلَ المفرِّطُ على النَّدمِ والخيبة. الإنابةَ الإنابة، قبلَ غلقِ بابِ الإجابة. الإفاقةَ الإفاقة؛ فقد قَرُبَ وقتُ الفاقة.

ما أحسنَ قلقَ التُّوَّاب! ما أحلى قدومَ الغيَّاب! ما أجملَ وقوفَهُم بالباب!

أسَأْتُ وَلَمْ أُحْسِنْ وَجِئْتُكَ تائِبًا … وَأنَّى لِعَبْدٍ مِنْ مَواليهِ مَهْرَبُ

يُؤَمِّلُ غُفْرانًا فَإنْ خابَ ظَنُّهُ … فَما أحَدٌ مِنْهُ عَلى الأرْضِ أخْيَبُ

مَن نَزَلَ بهِ الشَّيبُ فهوَ بمنزلةِ الحاملِ التي تَمَّتْ شهورُ حملِها فما تَنْتَظِرُ إلَّا الولادةَ، كذلكَ صاحبُ الشَّيبِ لا يَنْتَظِرُ غيرَ الموتِ، فقبيحٌ منهُ الإصرارُ على الذَّنبِ حينئذٍ.

أيَّ شَيْءٍ تُريدُ مِنِّي الذُّنوبُ … شُغِفَتْ بي فَلَيْس عَنِّي تَغيبُ

ما يَضُرُّ الذُّنوبَ لَوْ أعْتَقَتْني … رَحْمَةً بي فَقَدْ عَلاني المَشيبُ

ولكنْ توبةُ الشَّبابِ أحسنُ وأفضل.

في حديثٍ مرفوعٍ خَرَّجَهُ ابنُ أبي الدُّنيا: "إن الله يُحِبُّ الشَّابَّ التَّائبَ" (١).


(١) (ضعيف جدًّا). رواه: ابن أبي الدنيا في "التوبة" (١٨٤)، وابن عديّ (٦/ ٢٠٣٧)، وأبو الشيخ في "الثواب"، والذهبي في "الميزان" (٣/ ٣٣٥) تعليقًا، والعسقلاني في "اللسان" (٤/ ٤٨٦) تعليقًا؛ من طريق غسّان بن عبيد، عن طريف بن سليمان أبي عاتكة، عن أنس … رفعه.
وغسّان بن عبيد هذا هو الموصلي ضعيف، وأبو عاتكة واه ذاهب الحديث، ولذلك قال العراقي: "سنده ضعيف"، وأقرّه المناوي والعجلوني والألباني، والسند دون ذلك.

<<  <   >  >>