للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قالَ عُمَيْرُ بنُ هانئ: تَقولُ التَّوبةُ للشَّابِّ: أهلًا ومرحبًا، وتَقولُ للشَّيخِ: نَقْبَلُكَ على ما كانَ منكَ.

الشَّابُّ تَرَكَ المعصيةَ معَ قوَّةِ الدَّاعي إليها، والشَّيخُ قد ضَعُفَتْ شهوتُهُ وقَلَّ داعيهِ، فلا يَسْتَوِيانِ.

وفي بعضِ الآثارِ: يَقولُ اللهُ تَعالى: أيُّها الشَّابُّ التَّاركُ شهوتَهُ المبتذلُ شبابَهُ لأجلي! أنتَ عندي كبعضِ ملائكتي (١).

قالَ عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عنهُ في قولهِ تَعالى: {أُولَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ} [الحجرات: ٣]: همُ الذينَ يَشْتَهونَ المعاصيَ ولا يَعْمَلونَ بِها (٢).

كم بينَ حالِ الذي قالَ معاذَ اللهِ إنَّهُ ربِّي أحْسَنَ مثوايَ وبينَ شيخٍ عِنِّينٍ يُدْعى لمثلِ ذلكَ!


(١) (خبر إسرائيلي موضوع مرفوعًا). رواه: ابن عدي (٣/ ٣٥٨)، والسهمي في "التاريخ" (ص ٣٧٧)، والذهبي في "الميزان" (٢/ ١٢١) تعليقًا، والعسقلاني في "اللسان" (٣/ ٢١) تعليقًا؛ من طريق سعد بن سعيد الجرجاني، عن الثوري، عن منصور، عن أبي الضحى ومسروق، عن علقمة، عن ابن مسعود … رفعه. قال ابن عدي: "لا يتابع عليه (يعني: سعدًا) ". وقال: "دخلته غفلة الصالحين، ولم أر للمتقدّمين فيه كلامًا، وهو من أهل بلدنا، ونحن أعلم به". قلت: يعني أنّه ليس بالكذاب الوضّاع المتعمّد، وإنّما هو رجل من الصالحين الذين لا يفرّقون بين قصّة وخبر إسرائيليّ ومرفوع بل ينسبونها كلّها إلى النبيّ - صلى الله عليه وسلم - جهلًا. وقال الذهبي: "موضوع على الثوري"، وأقرّه العسقلاني.
ورواه أبو نعيم في "الحلية" (٤/ ١٣٨) من طريق يحيى بن أيّوب، ثنا عبد الجبّار بن وهب، ثنا محمّد بن عبد الله السلمي، عن شريح، حدّثني البدريّون ومنهم عمر، عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - … رفعه. وعبد الجبّار لا يعرف، والسلمي ما عرفته، وما أرى البلاء إلّا من أحدهما.
ورواه: ابن المبارك في "الزهد" (٣٤٦)، وأبو نعيم في "الحلية" (٥/ ٢٣٧)؛ من طريق قويّة، عن يزيد بن ميسرة بن حلبس: إنّ الله تعالى يقول … فذكره. وهذا موقوف قويّ، وأصله إسرائيليّ كما هو واضح؛ فإنّ ابن حلبس هذا مشهور برواية الإسرائيليّات.
فبان بهذا أنّه أثر إسرائيليّ تناقله بعض الصالحين والوعّاظ، ثمّ رفعوه إلى النبيّ - صلى الله عليه وسلم - عمدًا أو جهلًا، وقد أحسن ابن رجب إذ لم يرفعه، ولكنّه قصّر بالاكتفاء بقوله "في بعض الآثار"؛ فإنّها حمالة لأوجه.
(٢) كذا في خ وم. وفي ن وط: "قال عمر بن الخطّاب رضي الله عنه إنّ الذين يشتهون المعاصي ولا يعملون بها {أُولَئِكَ الَّذِينَ … } " فأتمّ الآية ولم يذكر ما بعدها.

<<  <   >  >>