كانَ عُمَرُ رَضِيَ اللهُ عنهُ يَعُسُّ بالمدينةِ، فسَمعَ امرأةً غابَ عنها زوجُها تُنْشِدُ:
تَطاوَلَ هذا اللَّيْلُ تَسْري كَواكِبُهْ … وَأرَّقَني أنْ لا خَليلٌ أُلاعِبُهْ
فوَاللهِ لَوْلا اللهُ لا رَبَّ غَيْرُهُ … لَحُرِّكَ مِنْ هذا السَّريرِ جَوانِبُهْ
وَلكِنَّني أخْشى رَقيبًا مُوَكَّلًا … بِأنْفُسِنا لا يَفْتُرُ الدَّهْرَ كاتِبُهْ
فقالَ لها عُمَرُ: يَرْحَمُكِ اللهُ! يَرْحَمُكِ اللهُ! ثمَّ بَعَثَ إلى زوجِها فأمَرَهُ أنْ يَقْدُمَ عليها، وأمَرَ أنْ لا يَغيبَ أحدٌ عن امرأتِهِ أكثرَ مِن ستَّةِ أشهرٍ.
الشَّيخُ قد تَرَكَتْهُ الذُّنوبُ فلا حمدَ لهُ على تركِها، كما قيلَ:
تارَكَكَ الذَّنْبُ فَتارَكْتَهُ … بِالفِعْلِ وَالشَّهْوَةُ في القَلْبِ
فَالحَمْدُ لِلذَّنْبِ عَلى تَرْكِهِ … لا لَكَ في تَرْكِكَ لِلذَّنْبِ
أما تَسْتَحي منَّا؟! لمَّا أعْرَضَتْ لذَّاتُ الدُّنيا عنكَ فلمْ يَبْقَ لها فيكَ رغبةٌ وصِرْتَ مِن سَقَطِ المتاع لا حاجةَ لأحدٍ فيكَ؛ جِئْتَ إلى بابِنا فقُلْتَ: أنا تائبٌ! ومعَ هذا؛ فكلُّ مَن أوى إلينا آوَيْناه، وكلُّ مَنِ اسْتَجارَ بنا أجَرْناه، ومَن تابَ إلينا أحْبَبْناه. أبْشِرْ؛ فربَّما يَكونُ الشَّيبُ شافعًا لصاحبِهِ في العفوِ.
ماتَ شيخٌ كانَ مفرِّطًا، فرُّئِيَ في المنامِ، فقيلَ لهُ: ما فَعَلَ اللهُ بكَ؟ قالَ: قالَ لي: لولا أنَّكَ شيخٌ لَعَذَّبْتُكَ.
وَقَفَ شيخٌ بعرفةَ، والنَّاسُ يَضِجُّونَ بالدُّعاءِ وهوَ ساكتٌ، ثمَّ قَبَضَ على لحيتِهِ وقالَ: يا ربِّ! شيخٌ! شيخٌ يَرْجو رحمتَكَ.
لَمَّا أتَوْا وَالشَّيْبُ شافِعُهُمْ … وَقَدْ تَوالى عَلَيْهِمُ الخَجَلُ
قُلْنا لِسودِ الصَّحائِفِ انْقَلِبي … بيضًا فَإنَّ الشُيوخَ قَدْ قُبِلوا
كانَ بعضُ الصَّالحينَ يَقولُ: إن الملوكَ إذا شابَتْ عبيدُهُم في رقِّهِم عَتَقوهُم، وقد شِبْتُ في رقِّكَ فأعْتِقْني.
إنَّ المُلوكَ إذا شابَتْ عَبيدُهُمُ … في رِقِّهِمْ عَتَقوهُمْ عِتْقَ أبْرارِ
وَأنْتَ يا خالِقي أوْلى بِذا كَرَمًا … قَدْ شِبْتُ في الرِّقِّ فَأعْتِقْني مِنَ النَّارِ
• أيُّها العاصي! ما يَقْطَعُ مِن صلاحِكَ الطَّمَع، ما نَصَبْنا شركَ المواعظِ إلَّا لِتَقَع.