للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قالَ الحَسَنُ: إنَّ الموتَ قد فَضَحَ الدُّنيا فلمْ يَدَعْ لذي لبٍّ بها فرحًا.

وقالَ مُطَرِّفٌ: إنَّ هذا الموتَ قد أفْسَدَ على أهلِ النَّعيمِ نعيمَهُم، فالْتَمِسوا نعيمًا لا موتَ فيهِ.

وقالَ بعضُهُم: ذَهَبَ ذكرُ الموتِ بلذَّةِ كلِّ عيشٍ وسرورِ [كلِّ نعيمٍ]. ثمَّ بَكى وقالَ: واهًا لدارٍ لا موتَ فيها!

وقالَ يونُسُ بنُ عُبَيْدٍ: ما تَرَكَ ذكرُ الموتِ لنا قُرَّةَ عينٍ في أهلٍ ولا مالٍ.

وقالَ يَزيدُ الرَّقاشِيُّ: أمِنَ أهلُ الجنَّةِ الموتَ فطابَ لَهُمُ العيشُ، وأمِنوا مِن الأسقام فهنيئًا لهُم في جوارِ اللهِ طولُ المقام.

عيوبُ الدُّنيا بادية، وهيَ بعبرِها ومواعظِها منادية، لكنَّ حبَّها يُعْمي ويُصِمُ، فلا يَسْمَعُ محبُّها نداءَها، ولا يَرى كشفَها للعبرِ وإبداءَها.

قَدْ نادَتِ الدُّنْيا عَلى نَفْسِها … لَوْ كانَ في العالَمِ مَنْ يَسْمَعُ

كَمْ واثِقٍ بِالعُمْرِ أفْنَيْتُهُ … وَجامِعٍ بَدَّدْتُ ما يَجْمَعُ

كم قد تَبَدَّلَ نعيمُها بالبوس، كم أصْبَحَ مَن هوَ واثقٌ بملكِها وأمْسى وهوَ منها قنوطٌ يؤوس.


= طريق معان بن رفاعة، عن عليّ بن يزيد الألهاني، عن القاسم، عن أبي أمامة، عن أبي ذرّ … رفعه مختصرًا جدًّا. قال ابن كثير: "ضعيف، فيه ثلاثة من الضعفاء؛ معان وشيخه وشيخ شيخه". قلت: الألهاني متروك، والسند ساقط، والمتن مختصر قاصر عن هذه القطعة.
* وروى الرابعة: أحمد (١٧٨٥ و ١٧٩)، والنسائي في "الكبرى" (١١٩٦٨ - تحفة)، والبزّار (١٦٠)؛ من طريق المسعودي، عن أبي عمر الشامي، عن عبيد بن الخشخاش، عن أبي ذرّ … رفعه مختصرًا جدًّا. والمسعوديّ اختلط أو تغيّر، والشاميّ ليّن، وابن الخشخاش ضعيف، فالسند واه على قصور المتن واختصاره.
* وروى الخامسة: أبو نعيم (١/ ١٦٨) معلقًا، وابن عساكر (٢٣/ ٢٧٦)؛ من طريق عبد الله بن صالح، ثنا معاوية بن صالح، عن أبي عبد الملك محمّد بن أيّوب وغيره من المشيخة، عن عبد الرحمن بن عائذ، عن أبي ذر … رفعه. وعبد الله بن صالح ومحمّد بن أيّوب لا يعدوان أن يكونا صالحين في الشواهد، لكنّ محمّدًا توبع من غيره كما جاء في السند، فلم يبق لهذا السند علة إلا عبد الله، فهو صالح في الشواهد.
فالطريق الأولى بمتابعاتها ساقطة، والثانية والثالثة ساقطتان بمتروك، والرابعة واهية قاصرة، فلم يبق للطريق الأخيرة الضعيفة ما يشدها. نعم؛ لكثير من مفردات الحديث طرق أخرى تشدّها، ولكنّها قاصرة عن هذه القطعة، فالله أعلم بماذا قوّاها الألباني رحمة الله عليه في "موارد الظمآن"!

<<  <   >  >>