للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الأشهرِ أفضلُ؟ فقالَ: "خيرُ الليلِ جوفُهُ، وأفضلُ الأشهرِ شهرُ اللهِ الذي تَدْعونَهُ المُحَرَّمَ" (١). وإطلاقُهُ في هذا الحديثِ "أفضلَ الأشهرِ" محمولٌ على ما بعدَ رمضانَ، كما في روايةِ الحَسَنِ المرسلةِ.

وقالَ سَعيدُ بنُ جُبَيْرٍ وغيرُهُ: أفضلُ الأشهرِ الحرمِ ذو الحِجَّةِ.

بل قد قيلَ: إنَّهُ أفضلُ الأشهرِ مطلقًا، وسَنَذْكُرُهُ في موضعِهِ إنْ شاءَ اللهُ تَعالى.

وزَعَمَ بعضُ الشَّافِعِيَّةِ أن أفضلَ الأشهرِ الحرمِ رجبٌ، وهوَ قولٌ مردودٌ.

• وأفضلُ شهرِ المحرَّمِ عشرُهُ الأوَّلُ (٢).

وقد زَعَمَ يَمانُ بنُ رِئابٍ أنَّهُ العشرُ الذي أقْسَمَ اللهُ بهِ في كتابِهِ، ولكنَّ الصَّحيحَ أن العشرَ المقسَمَ بهِ عشرُ ذي الحِجَّةِ، كما سَيَأْتي في موضعِهِ إنْ شاءَ اللهُ تَعالى.

وقالَ أبو عُثْمانَ النَّهْدِيُ: كانوا يُعَظِّمونَ ثلاثَ عشراتٍ: العشرَ الأخيرَ مِن رمضانَ، والعشرَ الأوَّلَ مِن ذي الحِجَّةِ، والعشرَ الأوَّلَ مِن المُحَرَّمِ.

وقد وَقَعَ هذا في بعضِ نسخِ كتابِ "فضائل العشر" لابنِ أبي الدُّنْيا: عن أبي عُثْمانَ، عن أبي ذَرٍّ، عن النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -؛ أنَّهُ كانَ يُعَظِّمُ هذهِ العشراتِ الثَّلاثَ (٣). وليسَ ذلكَ


(١) (صحيح بشواهده). يرويه حميد بن عبد الرحمن واختلف عليه فيه على وجوه ثلاثة: روى أولها: البخاري في "التاريخ" (٢/ ٤٦) من طريق قوية، عنه … مرسلًا. وروى الثاني: البخاري في "التاريخ" (٢/ ٤٥)، والنسائي في "الكبرى" (٤٢١٦) و "المجتبى" (٢٠ - قيام الليل، ٦ - فضل صلاة الليل، ٣/ ٢٠٧ / ١٦١٣)، والمزّي في "التحفة" (١١٩٠٢) معلّقًا؛ من طريق قوية، عن داوود بن عبد الله الأودي، عن حميد، عن أهبان ابن امرأة أبي ذرّ، عن أبي ذرّ … رفعه. وأهبان مجهول أو شبهه. وروى الثالث: ابن أبي شيبة (٩٢٢٦)، وإسحاق (١/ ٢٩٩/ ٢٧٧)، وأحمد (٢/ ٣٠٣ و ٣٢٩)، ومسلم (١١٦٣)، وابن ماجه (١٧٤٢)، وأبو داوود (٢٤٢٩)، والترمذي (٤٣٨ و ٧٤٠)، والنسائي (٣/ ٢٠٧/ ١٦١٢)، وأبو يعلى (٦٣٩٢ و ٦٣٩٥)، وابن حبّان (٣٦٣٦)، وابن خزيمة (١١٣٤ و ٢٠٧٦)، والحاكم (١/ ٣٠٧)، والبيهقي (٤/ ٢٩٠ و ٢٩١)، والبغوي (٩٢٣ و ١٧٨٨)؛ من طريقين قويّتين، عن حميد، عن أبي هريرة … رفعه.
وحميد تابعي ثقة فقيه لا يعرف بتدليس، فمن المرجح أنّه سمع هذا المتن من أبي هريرة مرة ومن أهبان مرّة وكان يرسله أحيانًا اختصارًا، فهاهنا إذًا حديثان؛ حديث أبي هريرة وحديث أبي ذرّ، فحديث أبي هريرة صحيح رواه مسلم، وحديث أبي ذر ضعيف لجهالة أهبان يتقوّى بحديث أبي هريرة.
(٢) كذا قال يرحمه الله، ثمّ استدلّ له بجملة من الواهيات والموقوفات والإسرائيليات التي لا تقوم بها حجّة. وإذ لا حجة هنا؛ فالأصل أن أيّام المحرّم سواء؛ إلّا التاسع والعاشر والحادي عشر لما صحّ فيها.
(٣) (ليس بمحفوظ). كتاب ابن أبي الدنيا هذا غير مطبوع فيما أعلم، والحديث موجود في "بعض =

<<  <   >  >>