للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأفاد ذلك بشيئين: أحدهما: تحريم الاختلاف في مثل هذا.

والثاني: الاعتبار بمن كان قبلنا، والحذر من مشابهتهم.

واعلم أن أكثر الاختلاف بين الأمة الذي يورث الأهواء؛ تجده من هذا الضرب، وهو: أن يكون كل واحد من المختلفين مصيبا فيما يثبته، أو في بعضه مخطئا في نفي ما عليه الآخر، كما أن القارئين كل منهما كان مصيبا في القراءة بالحرف الذي علمه، مخطئا في نفي حرف غيره؛ فإن أكثر الجهل إنما يقع في النفي الذي هو الجحود والتكذيب، لا في الإثبات، لأن إحاطة الإنسان بما يثبته أيسر من إحاطته بما ينفيه ولهذا نهيت هذه (١) الأمة أن تضرب آيات الله بعضها ببعض؛ لأن مضمون الضرب: الإيمان بإحدى الآيتين والكفر بالأخرى - إذا اعتقد أن بينهما تضادا - إذ الضدان لا يجتمعان.

ومثل ذلك: ما رواه مسلم - أيضا - عن عبد الله بن رباح الأنصاري (٢) أن عبد الله بن عمرو (٣) قال: «هجرت (٤) إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما، فسمع (٥) أصوات رجلين اختلفا في آية، فخرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يعرف في وجهه


(١) في (أط) سقطت: هذه.
(٢) هو: أبو خالد، عبد الله بن رباح الأنصاري المدني، سكن البصرة، وثقة العجلي وابن سعد والنسائي وغيرهم توفي في حدود سنة (٩٠ هـ) .
انظر: الطبقات الكبرى لابن سعد (٧ / ٢١٢) ؛ وتهذيب التهذيب (٥ / ٢٠٧) ، (ت ٣٥٧) .
(٣) في (ج د) : ابن عمر. وهو خطأ فالصحيح: ابن عمرو.
(٤) أي ذهبت في الهاجرة، وهي نصف النهار عند اشتداد الحر. مختار الصحاح، مادة (هـ ج ر) ، (٦٩٠) .
(٥) في المطبوعة: فسمعت. لكنه في مسلم (فسمع) كالنسخ الأخرى.

<<  <  ج: ص:  >  >>