للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

موتها تقام يوم القيامة وعليها سربال من قطران، ودرع من جرب» (١) رواه مسلم.

ذم في (٢) الحديث من دعا (٣) بدعوى الجاهلية، وأخبر أن بعض أمر الجاهلية لا يتركه الناس كلهم ذما لمن لم يتركه، وهذا كله يقتضي أن ما كان من أمر الجاهلية وفعلهم فهو مذموم في دين الإسلام، وإلا لم يكن في إضافة هذه المنكرات إلى الجاهلية ذم لها، ومعلوم أن إضافتها إلى الجاهلية خرج مخرج الذم (٤) وهذا كقوله سبحانه وتعالى: {وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى} [الأحزاب: ٣٣] (٥) فإن في (٦) ذلك ذما للتبرج وذما لحال الجاهلية الأولى، وذلك يقتضي المنع من مشابهتهم في الجملة.

ومنه قوله لأبي ذر (٧) رضي الله عنه لما عير رجلا بأمه: «إنك امرؤ


(١) انظر: صحيح مسلم، كتاب الجنائز، باب التشديد في النياحة، حديث رقم (٩٣٥) ، (٢ / ٦٤٤) .
(٢) في المطبوعة: في هذا الحديث.
(٣) في (أج د ط) : ادعى.
(٤) ومن المؤلم أنه بدأت في بعض العرب اليوم - من القوميين والبعثيين وغيرهم - شعارات وكتابات تتبنى إحياء منكرات الجاهلية وأوثانها وتقاليدها وأعرافها وأسواقها وشتى آثارها الحسية والمعنوية، بدعوى إحياء التراث والوطنية، وهذا ضلال مبين، كما سيبين المؤلف.
(٥) سورة الأحزاب: من الآية ٣٣.
(٦) في المطبوعة: فإن ذلك ذم للتبرج، وذم لحال الجاهلية الأولى.
(٧) هو الصحابي الجليل: جندب بن جنادة بن سكن الغفاري أبو ذر، كان من السابقين إلى الإسلام، ولما أسلم بمكة أعلن إسلامه، وكان المسلمون يستخفون آنذاك، ورفع صوته أمام قريش بالشهادتين فضربوه،، ثم رجع إلى قومه،، ثم هاجر إلى المدينة بعد بدر وأحد، وكان صادق اللهجة، وذكروا أن الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم وصفه بذلك، كما قال فيه صلى الله عليه وعلى آله وسلم أيضا: "يرحم الله أبا ذر، يعيش وحده ويموت وحده، ويبعث وحده"، فلما حصل منه بعض الخلاف مع عثمان رضي الله عنه، وخاف عثمان افتراق الناس وفتنتهم فسيره إلى الربذة، فمات بها رضي الله عنه سنة (٢٣) ، وصلى عليه ابن مسعود.
انظر: الإصابة (٤ / ٦٢ - ٦٤) ، ترجمة رقم (٣٨٤) الكنى.

<<  <  ج: ص:  >  >>