للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال الآخر: أنا أعتزل النساء فلا أتزوج أبدا.

فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم إليهم فقال: " أنتم الذين (١) قلتم كذا وكذا؟ أما والله إني لأخشاكم لله وأتقاكم له، ولكني أصوم وأفطر، وأصلي وأرقد، وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني» ، رواه البخاري، وهذا لفظه (٢) ومسلم، ولفظه: عن أنس: «أن نفرا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم سألوا أزواج النبي صلى الله عليه وسلم عن عمله في السر فقال بعضهم: لا أتزوج النساء. وقال بعضهم: لا آكل اللحم. وقال بعضهم: لا أنام على فراش (٣) . فحمد الله وأثنى فقال: " ما بال أقوام قالوا كذا وكذا (٤) ؟ لكني أصلي وأنام، وأصوم وأفطر، وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني» (٥) .

والأحاديث الموافقة لهذا كثيرة في بيان أن سنته التي هي الاقتصاد: في العبادة، وفي ترك الشهوات؛ خير من رهبانية النصارى، التي هي: ترك عامة الشهوات من النكاح وغيره، والغلو في العبادات صوما وصلاة.

وقد خالف هذا - بالتأويل ولعدم العلم - طائفة من الفقهاء والعباد، ومثل هذا ما رواه أبو داود في سننه، عن العلاء بن عبد الرحمن (٦) عن


(١) الذين: ساقطة من (أط) .
(٢) صحيح البخاري، كتاب النكاح، باب الترغيب في النكاح، حديث رقم (٥٠٦٣) من فتح الباري، (٩ / ١٠٤) .
(٣) في (ب ج د) : على فراشي، وفي المطبوعة: فرش، وفي مسلم كما أثبته.
(٤) في المطبوعة زاد: وكذا.
(٥) صحيح مسلم، كتاب النكاح، باب استحباب النكاح لمن تاقت نفسه إليه. . إلخ، حديث رقم (١٤٠١) ، (٢ / ١٠٢٠) .
(٦) كذا في جميع النسخ: العلاء بن عبد الرحمن، لكنه في أبي داود (٣ / ١٢) : العلاء بن الحارث، أما العلاء بن عبد الرحمن فقد مرت ترجمته. والعلاء بن الحارث هو: العلاء بن الحارث بن عبد الوارث الحضرمي، أبو وهب، الدمشقي، وثقه ابن المديني وابن معين وغيرهما، وهو أعلم أصحاب مكحول وأفقههم، ورمي بالقدر، وخلط في آخر أمره، توفي سنة (١٣٦ هـ) وعمره (٧٠) سنة.
انظر: تهذيب (٨ / ١٧٧، ١٧٨) ، ترجمة رقم (٣١٨) .

<<  <  ج: ص:  >  >>