للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لكن قد قال قوم: إن المراد: شهادة الزور التي هي الكذب، وهذا فيه نظر، فإنه تعالى قال: {لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ} [الفرقان: ٧٢] ولم يقل: لا يشهدون بالزور.

والعرب تقول: شهدت كذا: إذا حضرته، كقول ابن عباس: " شهدت العيد (١) مع رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم " (٢) وقول عمر: " الغنيمة لمن شهد الوقعة " (٣) وهذا كثير في كلامهم، وأما: شهدت بكذا، فمعناه: أخبرت به.

ووجه تفسير التابعين المذكورين: أن الزور هو المحَسَّن المموه، حتى يظهر بخلاف ما هو عليه في الحقيقة، ومنه قوله صلى الله عليه وسلم: «المتشبع (٤) بما لم يعط كلابس ثوبي زور» (٥) لما كان يظهر مما يعظم به مما ليس عنده، فالشاهد بالزور (٦) يظهر كلاما يخالف الباطن، ولهذا فسره السلف تارة بما يظهر حسنه لشبهة، أو لشهوة، وهو قبيح في الباطن، فالشرك ونحوه: يظهر حسنه للشبهة، والغناء ونحوه: يظهر حسنه للشهوة.


(١) في (ج) : العبد، والعيد هو الصواب.
(٢) وبقية الحديث (وأبي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم، فكلهم كانوا يصلون قبل الخطبة ". أخرجه البخاري، كتاب العيدين، باب الخطبة بعد العيد، حديث رقم (٩٦٢) من فتح الباري، (٢ / ٤٥٣) .
(٣) أخرجه عبد الرزاق في المصنف، باب لمن الغنيمة برقم (٩٦٨٩) ، (٥ / ٣٠٣) .
(٤) في (ج) : المتشيع. والمتشبع هو: المتزين بأكثر مما عنده يتكثر به ويتزين بالباطل.
انظر: مختار الصحاح (ص ٣٢٧) ، مادة (ش ب ع) .
(٥) الحديث متفق عليه.
انظر: صحيح البخاري، كتاب النكاح، باب المتشبع لما لم ينل، حديث رقم (٥٢١٩) من فتح الباري، (٩ / ٣١٧) ؛ وصحيح مسلم، كتاب اللباس، باب النهي عن التزوير في اللباس وغيره، حديث رقم (٢١٢٩) و (٢١٣٠) ، (٣ / ١٦٨١) .
(٦) في (ب) : مظهر.

<<  <  ج: ص:  >  >>