للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلو كان (١) تراب قبور المشركين نجسا (٢) ؛ لأمر النبي صلى الله عليه وسلم بنقل ذلك التراب، فإنه لا بد أن يختلط ذلك التراب بغيره، والعلة الثانية ما في ذلك من مشابهة الكفار بالصلاة عند القبور؛ لما يفضي إليه ذلك من الشرك وهذه العلة صحيحة باتفاقهم.

والمعللون بالأولى، كالشافعي وغيره، عللوا بهذه أيضًا، وكرهوا ذلك لما فيه من الفتنة، وكذلك الأئمة: من أصحاب أحمد ومالك، كأبي بكر الأثرم صاحب أحمد، وغيره وعللوا بهذه الثانية أيضًا، وإن كان منهم من قد يعلل بالأولى.

وقد قال تعالى {وَقَالُوا لَا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلَا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلَا سُوَاعًا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا} [نوح: ٢٣] (٣) ذكر ابن عباس وغيره من السلف: " أن هذه أسماء قوم صالحين، كانوا في قوم نوح، فلما ماتوا عكفوا على قبورهم، وصوروا تماثيلهم، ثم طال عليهم الأمد فعبدوهم " قد ذكر هذا البخاري في صحيحه (٤) وأهل التفسير: كابن جرير وغيره (٥) وأصحاب قصص الأنبياء كوثيمة (٦) وغيره.

ويبين صحة هذه العلة أنه صلى الله عليه وسلم لعن من يتخذ قبور الأنبياء مساجد، ومعلوم


(١) زاد في المطبوعة: تراب القبور نجس لكان.
(٢) في المطبوعة زاد: لكان تراب قبور المشركين نجسا. وغير في العبارة الأولى.
(٣) سورة نوح: الآية ٢٣.
(٤) انظر: صحيح البخاري، كتاب التفسير، تفسير سورة نوح، باب (١) ، الأثر رقم (٤٩٢٠) (٨ / ٦٦٧) من فتح الباري.
(٥) تفسير ابن جرير (٢٩ / ٦٢) .
(٦) هو: أبو يزيد، وثيمة بن موسى بن الفرات الوشاء الفارسي الفسوي، كان يتجر بالوشي، رحل إلى البصرة ومصر والأندلس، ثم إلى مصر، وتوفي بها سنة (٢٣٧هـ) ، وله كتاب في أخبار الردة. انظر: وفيات الأعيان (٦ / ١٢، ١٣) ، (ت ٧٦٩) ، وفي المخطوطة (ط) قال: وشيمة وهو خطأ كما تبين كتب التراجم.

<<  <  ج: ص:  >  >>