للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكان - صلى الله عليه وسلم - قد قال لأبي بكر وهما في تلك الحال: "ما ظنك باثنين الله ثالثهما" (١).

فهذا غير المعنى المذكور في قوله تعالى: {مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ} (٢) فإن ذلك عام: لكل جماعة.

ومن هذا المعنى الخاص الحديث الإلهي وقوله فيه: "ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي به" (٣).

إلى غير ذلك من نصوص الكتاب والسنة الدالة على قرب الرب سبحانه ممن أطاعه واتقاه، وحفظ حدوده وراعاه (٤).

وقال رحمه الله تعالى أيضًا وهو يتكلم عن المعية في مرتبة الإحسان "وقد دل القرآن على هذا المعنى في مواضع متعددة كقوله تعالى: {وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ} (٥) وقوله تعالى: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ} (٦) إلى أن قال رحمه الله تعالى: "ومن فهم شيئًا من هذه النصوص تشبيهًا أو حلولًا أو اتحادًا فإنما أتى من جهله وسوء فهمه عن الله عزّ وجلّ وعن رسوله، والله ورسوله بريئان من ذلك كله، فسبحان من ليس كمثله شيء وهو السميع البصير" (٧).


(١) أخرجه البخاري: كتاب التفسير، باب قوله: {ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ} (٥/ ٢٠٤).
(٢) سورة المجادلة آية (٧).
(٣) تقدم تخريجه (ص ١٦٨).
(٤) نور الاقتباس (ص ٥٢، ٥٣).
(٥) سورة الحديد آية (٤).
(٦) سورة البقرة آية (١٨٦).
(٧) جامع العلوم والحكم (١/ ٨٨، ٨٩).

<<  <   >  >>