للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال رحمه الله تعالى أيضا بعد أن ذكر بعض النصوص التي تدل على المعية "فهذا كله يدل على أن قرب الله من خلقه شامل لهم، وقربه من أهل طاعته فيه مزيد خصوصية كما أن معيته مع عباده عامة حتى ممن عصاه قال تعالى: {يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلَا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لَا يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ} (١).

ومعيته مع أهل طاعته خاصة فهو سبحانه مع الذين اتقوا والذين هم محسنون ...

فالمعية العامة تقتضي التحذير من علمه واطلاعه وقدرته وبطشه وانتقامه.

والمعية الخاصة تقتضي حسن الظن بإجابته ورضاه وحفظه وصيانته فكذلك القرب، وليس هذا القرب تقرب الخلق المعهود منهم كما ظنه من ظنه من أهل الضلال، وإنما هو قرب ليس يشبه قرب المخلوقين كما أن الموصوف به ليس كمثله شيء وهو السميع البصير ... (٢).

فقد بيّن رحمه الله تعالى في كلامه السابق أن نصوص المعية بنوعيها لا تفيد مخالطة ولا ممازجة ولا حلولًا ولا تشبيهًا، بل هي معية اطلاع وعلم وإحاطة في المعية العامة وتزيد المعية الخاصة بأنها معية نصر وموالاة وحفظ وتأييد وتسديد.

ومن فهم من هذه النصوص معاني أخرى لا تليق بكمال الله وجلاله فإنما ذلك بسبب جهله وسوء فهمه لأن معية الله سبحانه وتعالى وقربه ليست كقرب الأجسام بعضها ببعض، فهو ليس كمثله شيء وهو السميع البصير.


(١) سورة النساء آية (١٠٨).
(٢) فتح الباري (٢/ ٣٣٣ - ٣٣٤).

<<  <   >  >>