للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد ردّ ابن رجب رحمه الله تعالى على الذين فسروا المعية بتفسير لا يليق بالله عزّ وجلّ وهم الذين يقولون: إن الله بذاته في كل مكان، وهم الحلولية (١) من الجهمية ومن نحا نحوهم.

فقال رحمه الله تعالى: ولم يكن أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - يفهمون من هذه النصوص غير المعنى الصحيح المراد بها يستفيدون بذلك معرفة عظمة الله وجلاله واطلاعه على عباده وإحاطته بهم وقربه من عابديه وإجابته لدعائهم فيزدادون به خشية لله وتعظيمًا وإجلالًا ومهابة ومراقبة واستحياء ويعبدونه كأنهم يرونه، ثم حدث بعدهم من قل ورعه وانتكس فهمه وقصده، وضعفت عظمة الله وهيبته في صدره وأراد أن يرى الناس امتيازه عليهم بدقة الفهم وقوة النظر فزعم أن هذه النصوص تدل على أن الله بذاته في كل مكان كما يحكى ذلك طوائف من الجهمية والمعتزلة ومن وافقهم، تعالى الله عما يقولون علوًا كبير.

وهذا شيء ما خطر لمن كان قبلهم من الصحابة رضي الله عنهم وهؤلاء ممن يتبع ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله، وقد حذر النبي - صلى الله عليه وسلم - منهم في حديث عائشة (٢) المتفق عليه.


(١) الحلولية: هم الذين يعتقدون أن الله تعالى بذاته حل في مخلوقاته كما يحل الماء في الإناء، وأنه تعالى بذاته في كل مكان، تعالى الله عما يقولون علوًا كبيرًا، وأول من أظهر ذلك في الإسلام الروافض، فإنهم ادعوا الحلول في حق أئمتهم والقول بالحلول هي عقيدة غلاة الصوفية والفلاسفة كابن عربي وابن سبعين والحلاج والتلمساني وغيرهم.
اعتقادات فرق المسلمين والمشركين (٧٣) ومجموع الفتاوي (٢/ ١١٢).
(٢) حديث عائشة هو ما رواه البخاري ومسلم وغيرهم عنها رضي الله عنها قالت: تلا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هذه الآية: {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ =

<<  <   >  >>