للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وتعلقوا أيضًا بما فهموه بفهمهم القاصر مع قصدهم الفاسد بآيات في كتاب الله تعالى مثل قوله تعالى: {وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ} (١) وقوله: {مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ} (٢).

فقال من قال من علماء السلف حينئذ إنما أراد أنه معهم بعلمه وقصدوا بذلك إبطال ما قال أولئك مما لم يكن أحد قبلهم قاله ولا فهمه من القرآن ...

وحكى ابن عبد البر (٣) وغيره إجماع العلماء من الصحابة والتابعين في تأويل قوله تعالى: {وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ} (١) أن المراد علمه، وكل هذا قصدوا به رد قول من قال أنه تعالى بذاته في كل مكان.

وزعم بعض من تحذلق (٤) أن ما قاله هؤلاء الأئمة خطأ لأن علم الله صفة لا تفارق ذاته، وهذا سوء ظن منه بأئمة الإسلام، فإنهم لم يريدوا ما ظنه بهم، وإنما أرادوا أن علم الله متعلق بما في الأمكنة كلها،


= أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ (٧)} سورة آل عمران آية (٧).
قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا رأيتم الذين يتبعون ما تشابه منه، فأولئك الذي سمى الله، فاحذروهم".
البخاري: كتاب التفسير، باب قوله تعالى: {مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ} (٥/ ١٦٦) ومسلم: كتاب العلم، باب النهي عن اتباع متشابه القرآن والتحذير من متبعيه (٤/ ٢٠٥٣).
(١) سورة الحديد آية (٤).
(٢) سورة المجادلة آية (٧).
(٣) انظر: التمهيد (٧/ ١٣٨، ١٣٩).
(٤) يقال: حذلق الرجل وتحذلق إذا أظهر الحذق وادعى أكثر مما عنده. لسان العرب (١٠/ ٤١).

<<  <   >  >>