للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأصحاب هذا المنهج لا شك أنهم منحرفون عن المنهج السليم، وضالون عن الصراط المستقيم، لأنهم جمعوا في قولهم بين التشبيه والتعطيل أما تشبيههم فظاهر وهو تشبيه الخالق بالمخلوق، وأما التعطيل فمن وجوه ثلاثة:

١ - أنه عطل نفس النص الذي أثبت الصفة حيث صرفه عن مقتضى ما يدل عليه، فإن النص دال على إثبات صفة تليق بالله لا على مشابهة الله لخلقه.

٢ - أنه إذا شبه الله بخلقه فقد عطله عن كماله الواجب حيث شبه الرب الكامل من جميع الوجوه بالمخلوق الناقص.

٣ - أنه إذا شبه الله بخلقه فقد عطل كل نص يدل على نفي مشابهة الله لخلقه مثل قوله تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} (١) وقوله تعالى: {وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ} (٢) (٣) ...

وقد أشار ابن رجب رحمه الله تعالى إلى هذين المذهبين وبين أنهما من البدع التي اتفق السلف على تضليل قائليها فقال: "ومن ذلك أعني محدثات الأمور ما أحدثه المعتزلة، ومن حذا حذوهم من الكلام في ذات الله تعالى وصفاته بأدلة العقول ... وانقسم هؤلاء إلى قسمين:

أحدهما: من نفى كثيرًا مما ورد به الكتاب والسنة من ذلك لاستلزامه عنده التشبيه بالمخلوقين كقول المعتزلة: لو رؤي لكان جسمًا، لأنه لا يرى إلا في جهة.


(١) سورة الشورى آية (١١).
(٢) سورة الإخلاص آية (٤).
(٣) انظر: التحفة المهدية لابن مهدي (ص ١٨٥) وفتح رب البرية بتلخيص الحموية لابن عثيمين (ص ٩٧).

<<  <   >  >>