للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقولهم: لو كان له كلام يسمع لكان جسمًا، ووافقهم من نفي الاستواء فنفوه لهذه الشبهة، وهذا طريق المعتزلة والجهمية.

وقد اتفق السلف على تبديعهم وتضليلهم، وقد سلك سبيلهم في بعض الأمور كثير ممن انتسب إلى السنة والحديث من المتأخرين.

والثاني: من رام إثبات ذلك بأدلة العقول التي لم يرد بها الأثر ورد على أولئك كما هي طريقة مقاتل بن سليمان، ومن تبعه كنوح بن أبي مريم (١) وتابعهم طائفة من المحدثين قديمًا وحديثًا، وهو مسلك الكرامية فمنهم من أثبت لإثبات هذه الصفات الجسم إما لفظًا وإما معنى، ومنهم من أثبت لله صفات لم يأت بها الكتاب والسنة كالحركة وغير ذلك مما هي عنده لازم الصفات الثابتة (٢).

وقال رحمه الله تعالى في معرض كلامه عن الخوارج وتكفيرهم للأمة واستباحة دمائهم وأموالهم:

"وأصعب من ذلك ما حدث من الكلام في ذات الله وصفاته، مما سكت عنه النبي - صلى الله عليه وسلم - والصحابة والتابعون لهم بإحسان:

١ - فقوم نفوا كثيرًا مما أورد في الكتاب والسنة من ذلك، وزعموا أنهم فعلوا تنزيهًا لله عما تقتضيه العقول بتنزيهه عنه، وزعموا أن لازم ذلك لمستحيل على الله عز وجل.

٢ - وقوم لم يكتفوا بإثباته حتى أثبتوا ما يظن أنه لازم له بالنسبة


(١) نوح بن أبي مريم أبو عصمة المروزي، يعرف بالجامع لجمعه العلوم، ولكن كُذب في الحديث، قال ابن المبارك: كان يضع، توفي سنة ١٧٣ هـ.
ميزان الاعتدال (٤/ ٢٨٠) وتقريب التهذيب (ص ٣٦٠).
(٢) فضل علم السلف على علم الخلف (ص ١٣٨، ١٣٩).

<<  <   >  >>