للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مع ذلك في كلام المتكلمين أو الفلاسفة فشر محض وقل من دخل في شيء من ذلك إلا وتلطخ ببعض أوضارهم، كما قال أحمد: لا يخلو من نظر في الكلام إلا تجهم.

وكان هو وغيره من أئمة السلف يحذرون من أهل الكلام، وإن ذبوا عن السنة.

وأما ما يوجد في كلام من أحب الكلام المحدث، واتبع أهله من ذم من لا يتوسع في الخصومات والجدال ونسبته إلى الجهل أو إلى الحشو، وإلى أنه غير عارف بالله أو غير عارف بدينه، فكل ذلك من خطوات الشيطان نعوذ بالله منه (١).

كما بين رحمه الله تعالى أن سكوت السلف رحمهم الله تعالى عن الكلام والجدال ليس جهلًا وعجزًا منهم ولكنهم سكتوا عن علم ومعرفة ودراية وتعظيم وخشية لله تعالى. فقال: "فما سكت من سكت عن كثرة الخصام والجدال من سلف الأمة جهلًا ولا عجزًا ولكن سكتوا عن علم وخشية لله وما تكلم من تكلم وتوسع من توسع بعدهم باختصاصه بعلم دونهم، ولكن حبا للكلام وقلة ورع ... إلى أن قال رحمه الله تعالى: "وقد فتن كثير من المتأخرين بهذا، وظنوا أن من كثر كلامه وجداله وخصامه في مسائل الدين فهو أعلم ممن ليس كذلك، وهذا جهل محض.

وانظر إلى أكابر الصحابة وعلمائهم كأبي بكر، وعمر، وعلي، ومعاذ، وابن مسعود، زيد بن ثابت كيف كانوا ... وكذلك كلام التابعين أكثر من كلام الصحابة، والصحابة أعلم منهم، فليس العلم بكثرة الرواية


(١) فضل علم السلف على علم الخلف (ص ١٤٩).

<<  <   >  >>