للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الرابع: إذا عاهد غدر، ولم يف بالعهد، وقد أمر الله بالوفاء بالعهد فقال: {وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا} (١).

وقال: {وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلَا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلًا إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ (٩١)} (٢).

وقال: {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ لَا خَلَاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (٧٧)} (٣).

وفي الصحيحين عن ابن عمر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "لكل غادر لواء يوم القيامة يعرف به" (٤). والغدر حرام في كل عهد بين المسلم وغيره ولو كان المعاهد كافرًا، ولهذا في حديث عبد الله بن عمرو عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: "من قتل نفسًا معاهدة بغير حقها، لم يرح رائحة الجنة، وإن ريحها ليوجد من مسيرة أربعين عامًا" خرّجه البخاري (٥).

وقد أمر الله تعالى في كتابه بالوفاء بعهود المشركين، إذا أقاموا على عهودهم، ولم ينقضوا منها شيئًا.

وأما عهود المسلمين فيما بينهم، فالوفاء بها أشد، ونقضها أعظم إثمًا، ويحرم الغدر في جميع عقود المسلمين فيما بينهم إذا تراضوا عليها، من المبايعات والمناكحات وغيرها من العقود اللازمة التي يجب


(١) سورة الإسراء آية (٣٤).
(٢) سورة النحل آية (٩١).
(٣) سورة آل عمران آية (٧٧).
(٤) أخرجه البخاري: كتاب الحيل، باب إذا غصب جارية فزعم أنها ماتت (٨/ ٦٢) ومسلم: كتاب الجهاد والسير، باب تحريم الغدر (٣/ ١٣٦١).
(٥) صحيح البخاري: كتاب الديات، باب من قتل ذميًا بغير جرم (٨/ ٤٧).

<<  <   >  >>