للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ذلك، ويتوصل بهذه الخديعة إلى غرضه، ويفرح بمكره وخداعه، وحمد الناس له على ما أظهره، ويتوصل به إلى غرضه السيء الذي أبطنه، وهذا قد حكاه الله في القرآن عن المنافقين واليهود، فحكى عن المنافقين أنهم {وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِدًا ضِرَارًا وَكُفْرًا وَتَفْرِيقًا بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَإِرْصَادًا لِمَنْ حَارَبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ مِنْ قَبْلُ وَلَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا الْحُسْنَى وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ (١٠٧)} (١).

وأنزل في اليهود {لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا فَلَا تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفَازَةٍ مِنَ الْعَذَابِ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (١٨٨)} (٢).

وهذه الآية نزلت في اليهود، سألهم النبي - صلى الله عليه وسلم - عن شيء فكتموه وأخبروه بغيره، فخرجوا وقد أروه أن قد أخبروه بما سألهم عنه، واستحمدوا بذلك، وفرحوا بما أتوا من كتمانهم، وما سئلوا عنه قال ذلك ابن عباس، وحديثه مخرج في الصحيحين (٣).

وفيهما أيضًا عن أبي سعيد: أنها نزلت في رجال من المنافقين كانوا إذا خرج النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى الغزو تخلفوا عنه، وفرحوا بمقعدهم خلافه، فإذا قدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الغزو، اعتذروا إليه وحلفوا، وأحبوا أن يحمدوا بما لم يفعلوا (٤).

وفي حديث ابن مسعود عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "من غشنا فليس منا،


(١) سورة التوبة آية (١٠٧).
(٢) سورة آل عمران آية (١٨٨).
(٣) صحيح البخاري: كتاب التفسير، باب {لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا} (٥/ ١٧٤) صحيح مسلم: كتاب صفات المنافقين وأحكامهم (٤/ ١٣٤٣).
(٤) أخرجه البخاري: كتاب التفسير، باب {لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا} (٥/ ١٧٤) ومسلم: كتاب صفات المنافقين وأحكامهم (٤/ ٢١٤٢).

<<  <   >  >>