للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والمكر والخديعة في النار" (١) (٢).

وقال رحمه الله تعالى أيضًا: "وقد ورد في القرآن تشبيه المنافقين بالخشب المسندة في نظرهم فقال: {وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ} (٣) فوصفهم بحسن الأجسام وتمامها، وحسن المقام والفصاحة حتى أنهم يعجب منظرهم لمن يراهم، ويسمع قولهم من سمعه سماع إصغاء وإعجاب به، ومع هذا فبواطنهم خراب ومعائبهم مهلكة فلهذا مثلهم بالخشب المسندة التي لا دفع لها ولا إحساس وقلوبهم مع هذا ضعيفة في غاية الضعف {يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ} (٤) لأنهم لما أضمروا خلاف ما أظهروا خافوا من الاطلاع عليهم، فكلما سمعوا صيحة ظنوا أنها عليهم وهكذا كل مريب يظهر خلاف ما يضمر يخاف من أدنى شيء ويتحسر عليه (٥).

فالنفاق داء عضال، ومرض خطير، ولذلك كان الصحابة رضي الله عنهم ومن بعدهم من سلف هذه الأمة يخافون منه خوفًا شديدًا لعلمهم بدقة وجله، وما يترتب عليه من الآثار السيئة وقد أشار ابن رجب


(١) أخرجه الطبراني في المعجم الكبير (١٠/ ١٦٩) وفي الصغير (١/ ٢٦١) وابن حبان في صحيحه (١/ ٤٧٣) والقضاعي في مسنده (١/ ١٧٥) وأبو نعيم في الحلية (٤/ ١٨٩) وقال المنذري في الترغيب والترهيب (٢/ ٥٧٢) رواه الطبراني في الكبير والصغير بإسناد جيد، وابن حبان في صحيحه. وقال الحافظ في الفتح (٤/ ٣٥٦) وأخرجه الطبراني في الصغير من حديث ابن مسعود، والحاكم في المستدرك من حديث أنس، وإسحاق بن راهويه في مسنده من حديث أبي هريرة وفي إسناد كل منهما مقال: لكن مجموعها يدل على أن للمتن أصلًا.
(٢) جامع العلوم والحكم (٣/ ٣٣٠ - ٣٤٢).
(٣) سورة المنافقون آية (٤).
(٤) سورة المنافقون آية (٤).
(٥) غاية النفع (ص ٢٤).

<<  <   >  >>