للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأصحاب القشور، وهذا يوجب القدح في الشريعة المطهرة والأعمال الصالحة التي جاءت الرسل بالحث عليها والإعتناء بها، وربما انحل بعضهم عن التكاليف وادعى أنها للعامة، وأما من وصل فلا حاجة به إليها وأنها حجاب له، وهؤلاء كما قال الجنيد وغيره: وصلوا ولكن إلى سقر. وهذا من أعظم خداع الشيطان وغروره لهؤلاء لم يزل يتلاعب بهم حتى أخرجهم عن الإسلام، ومنهم من يظن أن هذا العلم الباطن لا يتلقى من مشكاة النبوة، ولا من الكتاب والسنة، وإنما يتلقى من الخواطر والإلهامات والكشوفات، فأساءوا الظن بالشريعة الكاملة حيث ظنوا أنها لم تأت بهذا العلم النافع الذي يوجب صلاح القلوب وقربها من علام العيوب، وأوجب لهم الإعراض عما جاء به الرسول - صلى الله عليه وسلم - في هذا الباب بالكلية، والتكلم فيه بمجرد الأراء والخواطر، فضلوا وأضلوا" (١).

وقال رحمه الله تعالى أيضًا: "ومما حدث بعد الصحابة والتابعين الكلام في الحلال والحرام بمجرد الرأي والأقيسة العقلية".

ومما حدث بعد ذلك الكلام في الحقيقة بالذوق والكشف وزعم أن الحقيقة تنافي الشريعة، وأن المعرفة وحدها تكفي مع المحبة، وأنه لا حاجة إلى الأعمال، وأنها حجاب أو أن الشريعة إنما يحتاج إليها العوام (٢).

وقال رحمه الله تعالى أيضًا: "وإنما ذم أحمد وغيره المتكلمين عن الوساوس والخطرات من الصوفية، حيث كان كلامهم في ذلك لا يستند إلى دليل شرعي، بل إلى مجرد رأي وذوق، كما كان ينكر الكلام في مسائل الحلال والحرام بمجرد الرأي من غير دليل شرعي" (٣).


(١) شرح حديث أبي الدرداء (ص ٥٥، ٥٦).
(٢) جامع العلوم والحكم (٢/ ٢٩٧).
(٣) المصدر السابق (٢/ ٢٦١).

<<  <   >  >>