للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ب - بدعة التقرب إلى الله عزّ وجلّ بالرقص وهز الرؤوس وسماع الأغاني:

قال ابن رجب رحمه الله تعالى وهو يتكلم عن الغناء وأقسامه: القسم الثاني: أن يقع استماع الغناء بآلات اللهو أو بدونها على وجه التقرب إلى الله تعالى، وتحريك القلوب إلى محبته، والأنس به، والشوق إلى لقائه، وهذا هو الذي يدعيه كثير من اهل السلوك، ومن يتشبه بهم ممن ليس منهم، وإنما يتستر بهم ويتوصل بذلك إلى بلوغ غرض نفسه، من نيل لذته، فهذا المتشبه بهم مخادع ملبس، وفساد حاله أظهر من أن يخفى على أحد.

وأما الصادقون في دعواهم في ذلك وقليل ما هم، فإنهم ملبوس عليهم حيث تقربوا إلى الله عزّ وجلّ بما لم يشرعه الله تعالى، واتخذوا دينًا لم يأذن الله فيه، فلهم نصيب ممن قال الله تعالى: {وَمَا كَانَ صَلَاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلَّا مُكَاءً وَتَصْدِيَةً} (١) والمكاء: الصفير، والتصدية: التصفيق باليد، كذلك قاله غير واحد من السلف.

وقال تعالى: {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ} (٢)، فإنه إنما يتقرب إلى الله عزّ وجلّ بما يشرع التقرب به إليه على لسان رسوله - صلى الله عليه وسلم -، فأما ما نهى عنه، فالتقرب به إليه مضادة لله عزّ وجلّ في أمره، قال القاضي أبو الطيب الطبري (٣) رحمه الله في كتابه السماع


(١) سورة الأنفال آية (٣٥).
(٢) سورة الشورى آية (٢١).
(٣) أبو الطيب طاهر بن عبد الله بن طاهر بن عمر الطبري الشافعي، قال الخطيب: كان ثقة صادقًا دينًا ورعًا عارفًا بأصول الفقه وفروعه، صحيح المذهب، توفي سنة ٤٥٠ هـ.
تاريخ بغداد (٩/ ٣٥٨) وطبقات الشافعية لابن هداية (١٥٠).

<<  <   >  >>