للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ذنوبه، يقول ابن رجب رحمه الله في ذلك: "والصحيح قول الجمهور أن الكبائر لا تكفّر بدون التوبة، لأن التوبة فرض على العباد، وقد قال الله عزَّ وجلَّ: {وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} (١) ...

وأما النصوص الكثيرة المتضمّنة مغفرة الذنوب وتكفير السيّئات للمتّقين؛ كقوله تعالى: {إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا وَيُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ} (٢).

وقوله تعالى: {وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَيَعْمَلْ صَالِحًا يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ} (٣) ... فإنه لم يبين في هذه الآيات خصال التقوى ولا العمل الصالح، ومن جملة ذلك التوبة النصوح، فمن لم يتب فهو ظالم غير متقٍّ.

وقد بيَّن في سورة آل عمران (٤) خصال التقوى التي يغفر لأهلها ويدخلهم الجنَّة، فذكر منها الإستغفار وعدم الإصرار، فلم يضمن تكفير السيّئات ومغفرة الذنوب إلَّا لمن كانت هذه الصفة له.

وممّا يستدلّ به على أن الكبائر لا تكفّر بدون التوبة منها أو العقوبة عليها حديث عبادة بن الصامت، قال: كنّا عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: "بايعوني على ألَّا تشركوا بالله شيئًا ولا تسرقوا ولا تزنوا (وقرأ عليهم الآية) (٥)، فمن وفى منكم فأجره على الله، ومن أصاب من ذلك شيئًا


(١) سورة الحجرات، آية (١١).
(٢) سورة الأنفال، آية (٢٩).
(٣) سورة التغابن، آية (٩).
(٤) وهي من قوله تعالى: {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ} ... ، إلى قوله تعالى: {وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ} سورة آل عمران، آية (١٣٣ - ١٣٥).
(٥) وهي قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ .... }، إلى قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} سورة الممتحنة، آية (١٢).

<<  <   >  >>