للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فستره الله عليه فهو إلى الله إن شاء عذّبه، وإن شاء غفر له"، خرّجاه في الصحيحين (١) ... إلى أن قال رحمه الله تعالى: "والأظهر -والله أعلم- في هذه المسألة، أعني مسألة تكفير الكبائر بالأعمال:

إن أريد أن الكبائر تمحى بمجرّد الإتيان بالفرائض، وتقع الكبائر مكفّرة بذلك كما تكفّر الصغائر باجتناب الكبائر، فهذا باطل.

وإن أريد أنه قد يوازن يوم القيامة بين الكبائر وبين بعض الأعمال، فتمحى الكبيرة بما يقابلها من العمل، ويسقط العمل فلا يبقى له ثواب فهذا قد يقع ...

روي من حديث ابن عباس عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "يؤتى بحسنات العبد وسيّئاته يوم القيامة، فيقص أو يقضى بها بعضها من بعض، فإن بقيت له حسنة وسع له بها في الجنّة" (٢) ... وظاهر هذا أنه يقع المقاصة بين الحسنات والسيئات ثم يسقط الحسنات المقابلة للسيّئات، وينظر إلى ما يفضل منها بعد المقاصّة (٣).

هذه بالنسبة للكبائر، أمّا الصغائر فقد ذكر ابن رجب رحمه الله تعالى أنها تكفّر بالأعمال الصالحة كما سبق بيان ذلك في القول الأوّل من المسألة السابقة، وكما في قوله رحمه الله تعالى: " ... أمّا الصغائر فإنه قد تمحى بالأعمال الصالحة مع بقاء ثوابها؛ كما قال - صلى الله عليه وسلم -: "ألا


(١) تقدم تخريجه (ص ٣٢٠).
(٢) أخرجه الحاكم (٤/ ٢٥٢) وهو حديث قدسي، ولفظه: "قال الرب عزّ وجلّ: يؤتى بحسنات العبد وسيّئاته فيقضي بعضها ببعض، فإن بقيت حسنة وسّع الله له في الجنة ...... " الحديث، قال الحاكم: هذا حديث صحيح ولم يخرجاه ووافقه الذهبي.
(٣) جامع العلوم والحكم (٢/ ٤٣ - ٤٥).

<<  <   >  >>