للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

نوعان: أحدهما: أسباب الخير فالمشروع أنه يفرح بها ويستبشر ولا يسكن إليها بل إلى خالقها ومسببها، وذلك هو تحقيق التوكل على الله والإيمان به كما قال تعالى في الإمداد بالملائكة: {وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَى لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُمْ بِهِ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ} (١).

ومن هذا الباب الاستبشار بالفأل وهو الكلمة الصالحة يسمعها طالب الحاجة، وأكثر الناس يركن بقلبه إلى الأسباب وينسى المسبب لها، وقل من فعل ذلك إلا وكل إليها وخذل، فإن جميع النعم من الله وفضله كما قال تعالى: {مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ} (٢)، {وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ} (٣).

ولا تضاف النعم إلى الأسباب بل إلى مسببها ومقدرها كما في الحديث الصحيح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه صلى بهم الصبح في أثر سماء ثم قال: "أتدرون ما قال ربكم الليلة، قال: أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر، فأما المؤمن فقال: مطرنا بفضل الله ورحمته فذلك مؤمن بي كافر بالكوكب، وأما الكافر فقال: مطرنا بنوء كذا وكذا فذلك كافر بي مؤمن بالكوكب" (٤).

وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا عدوى ولا هامة ولا نوء ولا صفر" (٥) وهذا مما يدل على أن المراد نفي تأثير هذه الأسباب بنفسها من غير اعتقاد أنها بتقدير الله وقضائه،


(١) سورة آل عمران (١٢٦).
(٢) سورة النساء آية (٧٩).
(٣) سورة النحل آية (٥٣).
(٤) تقدم تخريجه (ص ٤٨٦).
(٥) تقدم تخريجه (ص ٤٨١).

<<  <   >  >>