للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بعض الفتن العظيمة بالذكر، وكان يتعوذ بالله في صلاته من أربع ويأمر بالتعوذ منها: "أعوذ بالله من عذاب جهنم، ومن عذاب القبر، ومن فتنة المحيا والممات، ومن فتنة المسيح الدجال" (١) ففتنة المحيا تدخل فيها فتن الدين والدنيا كلها كالكفر والبدع والفسوق والعصيان، وفتنة الممات يدخل فيها سوء الخاتمة، وفتنة الملكين في القبر، فإن الناس يفتنون في قبورهم مثل أو قريبًا من فتنة الدجال، ثم خص فتنة الدجال بالذكر لعظيم موقعها، فإنه لم يكن في الدنيا فتنة قبل يوم القيامة أعظم منها، وكلما قرب الزمان من الساعة كثرت الفتن.

وفي حديث معاوية عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "إنه لم يبق من الدنيا إلا بلاء وفتنة" (٢).

وأخبر النبيّ - صلى الله عليه وسلم - عن الفتن كقطع الليل المظلم، يصبح الرجل فيها مؤمنًا ويمسي كافرًا، ويمسي مؤمنًا ويصبح كافرًا يبيع دينه بعرض من الدنيا.

وكان أول هذه الفتن ما حدث بعد مقتل عمر رضي الله عنه، ونشأ من تلك الفتن مقتل عثمان رضي الله عنه، وما ترتب عليه من إراقة الدماء، وتفرق القلوب وظهور الفتن في الدين كبدع الخوارج المارقين، وإظهارهم ما أظهروا، ثم ظهور بدع أهل القدر والرفض ونحوهم، وهذه هي الفتنة التي تموج كموج البحر المذكورة في حديث حذيفة (٣)


(١) أخرجه البخاري: كتاب الجنائز، باب التعوذ من عذاب القبر (٣/ ١٩٢) ومسلم: كتاب المساجد، باب ما يستعاذ منه في الصلاة (٤/ ٤١٢).
(٢) أخرجه أحمد (٤/ ٩٤) وابن ماجه: كتاب الفتن، باب شدة الزمان (٢/ ١٣٣٩). وقال البوصيري في مصباح الزجاجة (٤/ ٩٥): إسناده صحيح ورجاله ثقات.
(٣) يقصد ابن رجب رحمه الله تعالى بهذا الحديث الذي أخرجه البخاري: كتاب مواقيت الصلاة، باب الصلاة كفارة (١/ ١٣٣)، ومسلم: كتاب الفتن، باب في =

<<  <   >  >>