للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

رضي الله عنه المشهور حين سأله عنها عمر رضي الله عنه، وكان حذيفة رضي الله عنه من أكثر الناس سؤالًا للنبي - صلى الله عليه وسلم - عن الفتن خوفًا من الوقوع فيها، ولما حضره الموت قال: "حبيب جاء على فاقة، لا أفلح من ندم، الحمد لله الذي سبقت بي الفتنة قادتها وعُلُوجها" (١) وكان موته قبل قتل عثمان رضي الله عنه بنحو أربعين يومًا، وقيل: بل مات بعد قتل عثمان وكان في تلك الأيام رجل من الصحابة نائمًا فأتاه آت في منامه، فقال له: قم فاسأل الله أن يعيذك من الفتنة التي أعاذ منها صالح عباده، فقام فتوضأ وصلى، ثم اشتكى ومات بعد قليل.

وقد روي عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - أنه قال لرجل: "إذا مت أنا وأبو بكر وعمر وعثمان، فإن استطعت أن تموت فمت" (٢) وهذه إشارة إلى هذه


= الفتنة التي تموج كموج البحر (٤/ ٢٢١٨) عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنهما قال: كنا عند عمر، فقال: أيكم يحفظ حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الفتنة؟ فقلت: أنا أحفظه كما قال، قال: هات، إنك لجريء، وكيف قال؟ قلت: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "فتنة الرجل في أهله وماله ونفسه وولده وجاره يكفرها الصيام والصلاة والصدقة، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فقال عمر: ليس هذا أريد، إنما أريد التي تموج كموج البحر، قال: قلت: ما لك ولها يا أمير المؤمنين؟ إن بينك وبينها بابًا مغلقًا، قال: فيكسر الباب أو يفتح؟ قال: قلت: لا بل يكسر، قال: ذاك أحرى أن لا يغلق أبدًا، قال: فقلنا لحذيفة: هل كان عمر يعلم من الباب؟ قال: نعم كما يعلم أن دون غد الليلة، إني حدثته حديثًا ليس بالأغاليط، قال: فهبنا أن نسأل حذيفة: من الباب؟ فقلنا لمسروق: سله فسأله فقال: عمر".
(١) أخرجه أبو نعيم في الحلية (١/ ٢٨٢) وذكره الحافظ الذهبي في ترجمة حذيفة في سير أعلام النبلاء (٢/ ٣٦٨) وذكره أيضًا صاحب كنز العمال (١٣/ ٣٤٦) وعزاه لابن عساكر.
والعُلُوج: جمع عِلْج، وهو الرجل من كفار العجم وغيرهم.
النهاية لابن الأثير (٣/ ٢٨٦).
(٢) أخرجه ابن حبان في المجروحين (١/ ٣٤٥) وابن عدي في الكامل (٣/ ١١٧٥) =

<<  <   >  >>