للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بواسطة الإحداث، ويعنون بالإحداث: الإيجاد والإعدام الواقعين في ذاته بقدرته من الأقوال والإرادات. ويعنون بالمحدث: ما بين ذاته من الجواهر والأعراض.

ويفرقون بين الخلق والمخلوق، والإيجاد والموجود والموجد، وكذلك بين الإعدام والمعدوم. فالمخلوق إنما يقع بالخلق، والخلق إنما يقع في ذاته بالقدرة، والمعدوم إنما يصير معدوما بالإعدام الواقع في ذاته بالقدرة.

وزعموا أن في ذاته سبحانه حوادث كثيرة مثل الإخبار عن الأمور الماضية والآتية، والكتب المنزلة على الرسل عليهم السلام، والقصص والوعد والوعيد والأحكام، ومن ذلك المسمعات والمبصرات فيما يجوز أن يسمع ويبصر، والإيجاد والإعدام هو القول والإرادة وذلك قوله {كُنْ} للشيء الذي يريد كونه، وإرادته لوجود ذلك الشيء، وقوله للشيء كن: صورتان.

وفسر محمد بن الهيصم الإيجاد والإعدام: بالإرادة والإيثار. قال: وذلك مشروط بالقول شرعا. إذ ورد في التنزيل: {إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} ١ وقوله: {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} ٢.

وعلى قول الأكثرين منهم: الخلق٣ عبارة عن القول والإرادة. ثم اختلفوا في التفصيل. فقال بعضهم: لكل موجود إيجاد، ولكل معدوم إعدام. وقال بعضهم: إيجاد واحد يصلح لموجودين إذا كانا من جنس واحد، وإذا اختلف الجنس تعدد الإيجاد، وألزم بعضهم: لو افتقر كل موجود أو كل جنس إلى إيجاد، فليفتقر كل إيجاد إلى قدرة. فالتزم تعدد القدرة بتعدد الإيجاد.

وقال بعضهم أيضا: تعدد القدرة بعدد أجناس المحدثات. وأكثرهم على أنها تتعدد بعدد أجناس الحوادث التي تحدث في ذاته من الكاف والنون، والإرادة، والسمع، والبصر؛ وهي خمسة أجناس:


١ النحل آية: ٤٠.
٢ يس آية ٨٢.
٣ في "الفرق بين الفرق" ١٣٢ "وسموا قوله للشيء "كن" خلقا للمخلوق، وإحداثا للمحدث".

<<  <  ج: ص:  >  >>