فإن كان داخلا فيها فيكون واحدا منها واجب الوجود, وكائن كل واحد منها ممكن الوجود، هذا خلف. فتعين أن المفيد يجب أن يكون خارجا عنها، وذلك هو المطلوب.
المسألة السابعة:
في أن واجب الوجود عقل, وعاقل, ومعقول، وأنه يعقل ذاته والأشياء، وصفاته الإيجابية والسلبية لا توجب كثرة في ذاته، وكيفية صدور الأفعال عنه.
قال: العقل يقال على كل مجرد عن المادة، وإذا كان مجردا بذاته عن المادة فهو عقل لذاته، واجب الوجود مجرد بذاته عن المادة، فهو عقل لذاته. وبما يعتبر له أن هويته المجردة لذاته، فهو معقول لذاته، وبما يعتبر له أن ذاته له هوية مجردة، فهو عاقل لذاته، وكونه عاقلا ومعقولا لا يوجب أن يكون اثنين في الذات، ولا اثنين في الاعتبار، فإنه ليس تحصيل الأمرين إلا أنه له ماهية مجردة، وأنه ماهية مجردة ذاته له، وههنا تقديم وتأخير في ترتيب المعاني في عقولنا، والغرض المحصل هو شيء واحد, وكذلك عقلنا لذاتنا هو نفس الذات، وإذا عقلنا شيئا فلسنا نعقل أن نعقل بعقل آخر، لأن ذلك يؤدي إلى التسلسل. ثم لما لم يكن جمال وبهاء فوق جمال وبهاء لماهية عقلية صرفة وخيرية محضة بريئة عن المواد وأنحاء النقص واحدة من كل جهة ولم يسلم ذلك بكنهه إلا لواجب الوجود، فهو الجمال المحض والبهاء المحض، وكل جمال وبهاء وملائم وخير فهو محبوب معشوق، وكلما كان الإدراك أشد اكتناها والمدرك أجمل ذاتا فحب القوة المدركة له وعشقها له والتذاذها به كان أشد وأكثر، فهو أفضل مدرك بأفضل إدراك لأفضل مدرك، وهو عاشق لذاته ومعشوق لذاته، عشق من غيره أو لم يعشق. وأنت تعلم أن إدراك العقل للمعقول أقوى من إدراك الحس للمحسوس، لأن العقل إنما يدرك الأمر الباقي ويتحد به ويصير هو هو، ويدركه بكنهه لا بظاهره، ولا كذلك الحس، فاللذة التي لنا بأن نعقل فوق اللذة التي لنا بأن نحس، لكنه قد يعرض أن تكون القوة الدراكة لا تستلذ بالملائم لعوارض كالمرور يستمر العسل لعارض. واعلم أن واجب الوجود ليس يجوز أن يعقل الأشياء من الأشياء، وإلا فذاته إما متقومة بما يعقل