للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهو واحد، أي مسلوب عنه القسمة بالكم أو القول، أو مسلوب عنه الشريك، وهو عقل وعاقل ومعقول، أي مسلوب عنه جواز مخالطة المادة وعلائقها مع اعتبار إضافة ما، وهو أول، أي مسلوب عنه الحدوث مع إضافة وجوده إلى الكل، وهو مريد، أي واجب الوجود مع عقليته, أي سلب المادة عنه مبدأ لنظام الخير كله، وهو جواد، أي هو بهذه الصفة بزيادة سلب أي لا ينحو غرضا لذاته فصفاته إما إضافية محضة، وإما سلبية محضة، وإما مؤلفة من إضافة وسلب, وذلك لا يوجب تكثرا في ذاته. قال: وإذا عرفت انه واجب الوجود وأنه مبدأ لكل موجود فما يجوز عنه يجب أن يوجد، وذلك لأن الجائز أن يوجد, وأن لا يوجد إذا تخصص بالوجود منه احتاج إلى مرجح لجانب الوجود، والمرجح إذا كان على الحال التي كان عليها قبل الترجيح ولم يعرض ألبتة شيء فيه, ولا مباين عنه يقتضي الترجيح في هذا الوقت دون وقت قبله أو بعده, وكان الأمر على ما كان عليه لم يكن مرجحا، إذا كان التعطل عن الفعل والفعل عنده بمثابة واحدة، فلا بد وأن يعرض له شيء، وذلك لا يخلو إما أن يعرض في ذاته وذلك يوجب التغيير وقد قدمنا أن واجب الوجود لا يتغير ولا يتكثر، وإما أن يعرض مباينا عن ذاته والكلام في ذلك المباين كالكلام في سائر الأفعال. قال: والعقل الصريح الذي لم يكذب يشهد أن الذات الواحدة إذا كانت من جميع جهاتها واحدة، وهي كما كانت، وكان لا يوجد عنها شيء فيما قبل، وهي الآن كذلك، فالآن لا يوجد عنها شيء، فإذا صار الآن يوجد عنها شيء فقد حدث أمر لا محالة: من قصد، أو إرادة، أو طبع، أو قدرة، أو تمكن، أو غرض، ولأن الممكن أن يوجد وأن لا يوجد لا يخرج إلى الفعل ولا يترجح له أن يوجد إلا بسبب، وإذا كانت هذا الذات موجودة ولا ترجح ولا يجب عنها الترجح, ثم رجح فلا بد من حادث موجب للترجيح في هذه الذات، وإلا كانت نسبتها إلى ذلك الممكن على ما كانت قبل، ولم تحدث لها نسبة أخرى، فيكون الأمر بحاله، ويكون الإمكان إمكانا صرفا بحاله، وإذا حدثت لها نسبة فقد حدث أمر ولا بد من أن يحدث في ذاته أو مباينا عن ذاته، وقد

<<  <  ج: ص:  >  >>