للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأوائل الواهبة للصور. ولو كانت المادة على التهيؤ الأول تشابهت نسبتها إلى الصندين, فلا يجب أن يختص بصورة دون صورة. قال: والأشبه أن يقال إن المادة التي تحدث بالشركة يفيض عليها من الأجرام السماوية إما عن أربعة أجرام. أو عن عدة منحصرة في أربع، أو عن جرم واحد تكون له نسب مختلفة انقساما من الأسباب منحصرة في أربع، فتحدث منها العناصر الأربعة، وانقسمت بالخفة والثقل، فما هو الخفيف المطلق فميله إلى الفوق، وما هو الثقيل المطلق فميله إلى الأسفل، وما هو الخفيف والثقيل بالإضافة فبينهما. وأما وجود المركبات من العناصر فبتوسط الحركات السماوية، وسنذكر أقسامها وتوابعها. وأما وجود الأنفس الإنسانية التي تحدث مع حدوث الأبدان ولا تفسد، فإنها كثيرة مع وحدة النوع. والمعلول الأول الواحد بالذات فيه معان متكثرة بها تصدر عنه العقول والنفوس كما ذكرنا. ولا يجوز أن تكون تلك المعاني كثيرة متفقة النوع والحقائق حتى تصدر عنها كثرة متفقة النوع، فإنه يلزم أن تكون فيه مادة يشترك فيها، وصور تتخالف ونتكثر، بل فيه معان مختلفة الحقائق يقتضي كل معنى شيئا غير ما يقتضيه الآخر في النوع، فلم يلزم كل واحد منهما ما يلزم الآخر. فالنفوس الأرضية كائنة عن المعلول الأول بتوسط علة أو علل أخرى, وأسباب من الأمزجة والمواد، وهي غاية ما ينتهي إليها في الإبداع.

ونبتدئ القول في الحركات، وأسبابها، ولوازمها:

أعلم أن الحركة لا تكون طبيعية للجسم والجسم على حالته الطبيعية، وكل حركة بالطبع فلحالة مفارقة للطبع غير طبيعية، إذ لو كان شيء من الحركات مقتضى طبيعة الشيء لما كان باطل الذات مع بقاء الطبيعة، بل الحركة إنما تقتضيها الطبيعة لوجود حال غير طبيعية إما في الكيف، وإما في الكم، وإما في المكان، وإما في الوضع، وإما في مقولة أخرى. والعلة في تجدد حركة بعد حركة تجدد الحال الغير الطبيعية، وتقدير البعد عن الغاية.

<<  <  ج: ص:  >  >>