والمستقبل، وكونهما فيه ككون أقسام العدد في العدد، وكون الآن فيه كالوحدة في العدد، وكون المتحركات فيه ككون المعدودات في العدد. و"الدهر" هو المحيط بالزمان. وأقسام الزمان ما فصل منه بالتوهم، كالساعات والأيام، والشهور، والأعوام.
وأما المكان، فيقال مكان لشيء يكون محيطا بالجسم، ويقال لشيء يعتمد عليه الجسم, والأول هو الذي يتكلم فيه الطبيعي، وهو حاو للمتمكن مفارق له عند الحركة ومساو له، وليس هو شيئا في المتمكن، وكل هيولى وصورة فهو في المتمكن، فليس إذا المكان إذا بهيولى وصورة، ولا الأبعاد التي يدعى أنها مجردة عن المادة قائمة بمكان الجسم المتمكن، لا مع امتناع خلوها كما يراه قوم، ولا مع جواز خلوها كما يظنه مثبتو الخلاء. ونقول في نفي الخلاء إن فرض خلاء خال، فليس هو لا شيئا محضا، بل هو ذات ما له كم، لأن كل خلاء يفرض فقد يوجد خلاء آخر أقل منه أو أكثر، ويقبل التجزؤ في ذاته. والمعدوم واللا شيء ليس يوجد هكذا، فليس الخلاء لا شيء، فهو "ذو" كم. وكل "كم" فإما متصل وإما منفصل، والمنفصل لذاته عديم الحد المشترك بين أجزائه، وقد تقرر في الخلاء حد مشترك، فهو إذا متصل الأجزاء منحازها في جهات، فهو إذن "كم" ذو وضع، قابل للأبعاد الثلاثة، كالجسم الذي يطابقه، وكأنه جسم تعليمي مفارق للمادة. فنقول الخلاء المقدر إما أن يكون موضوعا لذلك المقدار، أو يكون الوضع والمقدار جزأين من الخلاء، والأول باطل، فإنه إذا رفع المقدار في التوهم كان الخلاء وحده بلا مقدار، وقد فرض أنه ذو مقدار، فهو خلف، وإن بقي متقدرا في بنفسه لا لمقدار حله، وإن كان الخلاء مجموع مادة ومقدار فالخلاء إذا جسم فهو ملاء.
وأيضا، فإن كل شيء يقبل الاتصال والانفصال فهو ذو مادة مشتركة قابلة لهما كما بينا والخلاء لا مادة له، فلا يجوز عليه الانفصال والاتصال. ونقول: إن التمانع