ماله ذلك القدر الذي في الجمرة ولا يحترق، والكمون أجمع لها، والمنتشر أضعف تأثيرا من المجتمع، فتعين أنه هواء اشتعل نارا، فبين النار والهواء مادة مشتركة. ونقول: إن العناصر قابلة للكبر والصغر, والتكاثف والتخلخل، فيصير جسم أكبر من جسم من غير زيادة من خارج، ويصير أصغر من غير نقصان، فبين الكبير والصغير مادة مشتركة، إذ قد تحقق أن المقدار عرض في الهيولى، والكبر والصغر أعراض في الكميات. وقد نشاهد ذلك إذا أغلي الماء انتفخ وتخلخل. والخمر ينتفخ في الدن حتى يتصعد عند الغليان، وكذلك القمقمة الصياحة، وهي إذا كانت مسدودة الرأس مملوءة بالماء وأوقدت النار تحتها انكسرت وتصدعت. ولا سبب له إلا أن الماء صار أكثر مما كان. ولا جائز أن يقال: إنه كبر بدخول أجزاء النار فيها؛ فإنه كيف دخلت وما خرج جزء من الماء ولا خلاء فيه؟ ولا جائز أن يقال: إن النار طلبت جهة الفوق بطبعها، فإنه كان ينبغي أن ترفع الإناء وتطيره لا أن تكسره، وإذا كان الإناء صلبا خفيفا كان رفعه أسهل من كسره، فتعين أن السبب انبساط الماء في جميع الجوانب ودفعه سطح الإناء إلى الجوانب فيتفتق الموضع الذي كان أضعف، وله أمثلة أخرى تدل على أن المقدار يزيد وينقص. ونقول: إن العناصر قابلة للتأثيرات السماوية إما آثار محسوسة مثل نضج الفواكه ومد البحار وأظهرها الضوء والحرارة بواسطة الضوء والتحريك إلى فوق بتوسط الحرارة، والشمس ليست بحارة ولا متحركة إلى فوق، وإنما تأثيراتها معدات للمادة في قبول الصورة من واهب الصور، وقد يكون للقوى الفلكية تأثيرات خارجة من العنصريات، وإلا فكيف يبرد الأفيون أقوى مما يبرد الماء والجزء البارد فيه مغلوب بالتركيب مع الأضداد؟ وكيف يفعل ضوء الشمس في عيون العشي والنبات بأدنى تسخين ما لا تفعله النار بتسخين يكون فوقه؟ فتبين أن العناصر كيف قبلت الاستحالة والتغير والتأثير. وتبين ما لها بالعنصر والجوهر.