للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا مع الفعل هو أن تكون الصورة أو المعنى ترتسم في القوة فقط من غير أن يكون لها فعل وتصرف فيه. ومن المدركات الباطنة ما يدرك أولا, ومنها ما يدرك ثانيا، والفرق بين القسمين: أن الإدراك الأول هو أن يكون حصول الصورة على نحو ما من الحصول قد وقع للشيء من نفسه، والإدراك الثاني هو أن يكون حصولها من جهة شيء آخر أدى إليها.

ثم من القوى الباطنة المدركة الحيوانية قوة "بنطاسيا" وهو الحس المشترك, وهي قوة مرتبة في التجويف الأول من مقدم الدماغ تقبل بذاتها جميع الصور المنطبعة في الحواس الخمس متأديه إليه. ثم الخيال والمصورة، وهي قوة مرتبة في آخر التجويف المقدم من الدماغ تحفظ ما قلبه الحس المشترك من الحواس، ويبقى فيها بعد غيبة المحسوسات. والقوة التي تسمى متخيلة بالقياس إلى النفس الحيوانية، وتسمى مفكرة بالقياس إلى النفس الإنسانية، فهي قوة مرتبة في التجويف الأوسط من الدماغ عند الدودة من شأنها أن تركب بعض ما في الخيال مع بعض، وتفصل بعضه عن بعض بحسب الاختيار. ثم إن القوة الوهمية وهي قوة مرتبة في نهاية التجويف الأوسط من الدماغ تدرك المعاني غير المحسوسة الموجودة في المحسوسات الجزئية، كالقوة الحاكمة بأن الذئب مهروب عنه, وأن الولد معطوف عليه. ثم القوة الحافظة الذاكرة، وهي قوة مرتبة في التجويف، ونسبة الحافظة إلى الوهمية كنسبة الخيال إلى الحس المشترك، إلا أن ذلك في المعاني وهذا في الصور. فهذه خمس قوى الحيوانية.

وأما النفس الناطقة للإنسان, فتنقسم قواها أيضا إلى قوة عالمة, وقوة عاملة، وكل واحد من القوتين يسمى عقلا باشتراك الاسم. فالعاملة قوة هي مبدأ محرك لبدن الإنسان إلى الأفاعيل الجزئية الخاصة بالرؤية على مقتضى آراء تخصها إصلاحية، ولها اعتبار بالقياس إلى القوة الحيوانية النزوعية، واعتبار بالقياس إلى القوة الحيوانية المتخيلة والمتوهمة، واعتبار بالقياس إلى نفسها. وقياسها إلى النزوعية أن تحدث عنها فيها هيئات تخص الإنسان تتهيأ بها لسرعة فعل وانفعال، مثل الخجل والحياء،

<<  <  ج: ص:  >  >>