للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والضحك والبكاء. وقياسها إلى المتخيلة والمتوهمة هو أن تستعملها في استنباط التدابير في الأمور الكائنة والفاسدة، واستنباط الصناعات الإنسانية. وقياسها إلى نفسها أن فيما بينها وبين العقل النظري تتولد الآراء الذائعة المشهورة، مثل: إن الكذب قبيح, والصدق حسن. وهذه القوة هي التي يجب أن تتسلط على سائر قوى البدن على حسب ما توجبه أحكام القوة العاقلة حتى لا تنفعل عنه ألبتة بل ينفعل عنها، فلا يحدث فيها عن البدن هيئات انقيادية مستفادة من الأمور الطبيعية، وهي التي تسمى أخلاقا رذيلة، بل تحدث في القوى البدنية هيئات انقيادية لها, وتكون متسلطة عليها. وأما القوة العالمة النظرية، فهي قوة من شأنها أن تنطبع بالصور الكلية المجردة عن المادة، فإن كانت مجردة بذاتها فذاك، وإن لم تكن فإنها تصيرها مجردة بتجريدها إياها حتى لا يبقى فيها من علائق المادة شيء. ثم لها إلى هذه الصور نسب وذلك أن الشيء الذي من شأنه أن يقبل شيئا قد يكون بالقوة قابلا لها، وقد يكون بالفعل.

والقوة على ثلاثة أوجه: قوة مطلقة هيولانية، وهو الاستعداد المطلق من غير فعل ما كقوة الطفل على الكتابة، وقوة ممكنة، وهو استعداد مع فعل ما كقوة الطفل بعد ما تعلم بسائط الحروف، وقوة تسمى ملكة، وهي قوة لهذا الاستعداد إذا تم بالآلة ويكون له أن يفعل متى شاء بلا حاجة إلى اكتساب. فالقوة النظرية قد تكون نسبتها إلى الصور نسبة الاستعداد المطلق، وتسمى عقلا هيولانيا، وإذا حصل فيها من المعقولات الأولى التي يتوصل بها إلى المعقولات الثانية تسمى عقلا بالفعل، وإذا حصلت فيها المعقولات الثانية المكتسبة وصارت محزونة له بالفعل متى شاء طالعها، فإن كانت حاضرة عنده بالفعل تسمى عقلا مستفادا، وإذا كانت مخزونة تسمى عقلا بالملكة، وههنا ينتهي النوع الإنساني ويتشبه بالمبادئ الأولى للوجود كله. وللناس مراتب في هذا الاستعداد، فقد يكون عقل شديد الاستعداد حتى لا يحتاج في أن يتصل بالعقل الفعال إلى كثير شيء من تخريج وتعليم، حتى كأنه يعرف كل شيء من نفسه لا تقليدا بل بترتيب

<<  <  ج: ص:  >  >>