للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لأمور جزئية منقسمة، ولكل جزء منها نسبة بالفعل أو بالقوة إلى جزء منها. وأيضا فإن الشيء المتكثر في أجزاء الحد له من جهة التمام وحدة هو بها لا ينقسم. فتلك الوحدة بما هي وحدة كيف ترتسم في منقسم؟ وأيضا من شأن القوة الناطقة أن تعقل بالفعل واحدا من المعقولات غير متناهية بالقوة وليس واحد أولى من الآخر، وقد صح لنا أن الشيء الذي يقوى على أمور غير متناهية بالقوة لا يجوز أن يكون محله جسما ولا قوة في جسم.

ومن الدليل القاطع على أن محل المعقولات ليس بجسم أن الجسم منقسم بالقوة بالضرورة، وما لا ينقسم لا يحل المنقسم، والمعقول غير منقسم، فلا يحل المنقسم أما أن الجسم منقسم فقد دللنا عليه، وأما أن المعقول المجرد لا ينقسم فقد فرغنا عنه، وأما أن لا ينقسم لا يحل منقسما، فإنا لو قسمنا المحل، فلا يخلو: إما أن يبطل الحال فيه وهذا كذب، أو لا يبطل، ولا يخلو إما أن يبقى حالا في بعضه كما كان حالا في كله, وهذا محال فإنه يجب أن يكون حكم البعض حكم الكل، وإما أن ينقسم بانقسام محله، وقد فرض غير منقسم. ثم لو فرض انقسام الحال فيه لا يخلو: إما أن كون أجزاؤه متشابهة كالشكل المعقول أو العدد، وليس كل صورة معقولة بشكل، أو تكون الصورة المعقولة خيالية لا عقلية صرفة. وأظهر من ذلك أنه ليس يمكن أن يقال: إن كل واحد من الجزءين هو بعينه الكل في المعنى وإن كانا غير متشابهين مثل أجزاء الحد من الجنس والفصل فيلزم منه محالات منها أن كل جزء من الجسم يقبل القسمة أيضا، فيجب أن تكون الأجناس والفصول غير متناهية وهذا باطل. وأيضا فإنه إن وقع الجنس في جانب والفصل في جانب. ثم لو قسمنا الجسم لكان يجب أن يقع نصف الجنس في جانب ونصف الفصل في جانب وهو محال، ثم ليس أحد الجزءين أولى بقبول الجنس منه بقبول الفصل, وأيضا ليس كل معقول يمكن أن يقسم إلى معقولات هي أبسط، فإن ههنا معقولات هي أبسط المعقولات ومبادئ للتركيب في سائر المعقولات وليس لها أجناس ولا فصول ولا انقسام في الكم ولا في المعنى، فلا يتوهم فيها أجزاء متشابهة.

<<  <  ج: ص:  >  >>