للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

...................................................................


الفرق -قديماً وحديثاً- إلى تكفير مخالفيهم من الفرق الأخرى التي تخالفهم الرأي كما كان شأن الخوارج مع الصحابة؛ إذ كفروهم تبعاً لمذهبهم في تكفير مرتكب الذنب، وقد تبعهم المعتزلة في ذلك؛ فأخرجوا مرتكب الكبيرة من الإسلام، وإن لم يحكموا عليه بالكفر، بل ساووا بينه وبين الكافر في الخلود في النار، وكذلك غلاة الشيعة، كفروا الصحابة رضوان الله عليهم، إلا ثلاثة منهم فقط: المقداد بن الأسود، وأبا ذر الغفاري، وسلمان الفارسي.
(الشيعة وأهل البيت، للأستاذ إحسان إلهي ظهير، مطبعة جاويد رياض، باكستان، ط/٧، ١٤٠٤هـ/١٩٨٤م، نشر إدارة ترجمان السنة، لاهور، ص٤٥-٤٦) .
ويكون التكفير أحياناً على شكل أفراد، يكفر بعضهم بعضاً.
وهذا داء عضال, امتد عبر الأجيال إلى وقتنا الحاضر، الذي نشاهد فيه كثرة التهاون بأمره، والتهور في إطلاقه. فلم يعد من العجب أن نجد جماعتين تدعي كل منهما القيام بالدعوة إلى الله، بينما ترمي بالكفر, الجماعة الأخرى، المخالفة لها في المبادئ، أو أسلوب عمل، أو لمجرد مصالح شخصية محضة. وهذا منتشر في بلاد العالم الإسلامي.
ويجدر بي أن أتناول هنا بعض المسائل المتعلقة بهذا الموضوع الهام، باختصار على النحو الآتي:
أولاً: بيان أنواع الكفر:
إن مذهب أهل السنة في التكفير عموماً مبني على أصلين هما:
الأصل الأول: أن تدل نصوص الكتاب والسنة على أن القول أو الفعل الصادر من المحكوم عليه موجب للكفر.
فعلى هذا الأصل نجد العلماء يقسمون الكفر إلى قسمين: أحدهما:كفر اعتقادي، وثانيهما: كفر غير اعتقادي، وعليه يكون التكفير تابعاً لهذين القسمين اعتقادي، وغير اعتقادي.
القسم الأول: الكفر الاعتقادي: ويعلم بـ (الكفر الأكبر) ، وهذا النوع يتبعه التكفير الاعتقادي، وهو الحكم بالكفر على من اعتقده بقلبه، أو أظهر أمراً يبعد عند الناس أن يطلق على فاعله أو قائله أنه مسلم. وهو ضربان:
الضرب الأول: أن يصرح المرء بما يعتقده من الكفر، ويدلل على ذلك بما يظهره من أعمال الكفر. فهذا كافر كفراً اعتقادياً عند الله وعند الناس.
الضرب الثاني: أن يعتقد الكفر بقلبه، ولا يصرح به، لكنه يظهر أعمالاً تدل عليه، مع عدم وجود موانع شرعية تصرف عنه الحكم بالكفر الاعتقادي. فهذا أيضاً كافر عند الله، أما عند الناس فنسبة الكفر إليه، تكون باعتبار أن عمله ذلك، لا يصدر إلا ممن كان كافراً، معلوم الكفر. أما حقيقة ما في قلبه، فلا يعلمها إلا الله، أو من أخبره الله بالوحي، من أنبيائه ورسله.

<<  <  ج: ص:  >  >>