- وعن أبي ذر رضي الله عنه أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ((لا يرمي رجل رجلاً بالفسوق، ولا يرميه بالكفر إلا ارتدت عليه، إن لم يكن صاحبه كذلك)) . صحيح البخاري ٨/٣٣٦، الأدب، باب ما ينهى عنه من السباب واللعن. - وعن أبي ذر رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (( ... ومن دعا رجلاً بالكفر، أو قال عدو الله، وليس كذلك، إلا حار عليه)) . صحيح مسلم بشرح النووي، ٢/٤١٢، الإيمان، باب بيان حال إيمان من رغب عن أبيه وهو يعلم. ومعنى ((حار عليه)) أي رجع عليه ما نَسَب إليه. النهاية في غريب الحديث والأثر، لأبي السعادات المبارك بن محمد الجزري ابن الأثير (ت ٦٠٦هـ) ، تحقيق محمود محمد الطناحي، نشر المكتبة العلمية، بيروت، لبنان، ١/٤٥٨. - وعن ثابت بن الضحاك رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (( ... لعن المؤمن كقتله، ومن رمى مؤمناً بكفر، فهو كقتله)) . صحيح البخاري ٨/٣٥٤، الأدب، باب من كفر أخاه بغير تأويل، فهو كقاتله.، سنن الترمذي ٥/٢٣، الإيمان، باب ما جاء فيمن رمى أخاه بكفر، وقال: "هذا حديث حسن صحيح". والآثار الواردة في التحذير من ترامي المسلمين بعضهم بعضاً بالكفر كثيرة، اكتفينا بما تقدم، وكلها تحذر من إطلاق التكفير لأحد من المسلمين، ما لم يظهر دليلاً قاطعاً على كفر. ثالثاً: منهج السلف في الحكم بالكفر: إن السلف -رحمهم الله- قد ساروا في هذه المسألة، على الطريقة النبوية، واسترشدوا بهدي النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك؛ فهم لم يكونوا يقدمون على إطلاق لفظ الكفر على أحد من أهل القبلة، بمجرد ما يصدر منه من فجور أو فسوق أو معصية. وفي ذلك قال الطحاوي -رحمه الله- عند كلامه عن عقيدة السلف، تجاه القبلة: "ولا نشهد عليهم بكفر ولا بشرك ولا نفاق، ما لم يظهر منهم شيء من ذلك، ونذر سرائرهم إلى الله تعالى". شرح العقيدة الطحاوية (أحمد بن محمد بن سلامة الطحاوي (للإمام القاضي علي بن علي بن محمد بن أبي العز الدمشقي (ت ٧٩٢هـ) تحقيق وتعليق وتخريج وتقديم د. عبد الله