للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

.........................................................


بن عبد المحسن التركي، وشعيب الأرناؤوط، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط/٢، ١٤١٣هـ، ١٩٩٣م، ص٥٣٩. وانظر في ذلك أيضاً مجموع فتاوى ابن تيمية، ٣/١٥١.
فهم لا يحكمون بالكفر على أحد، حتى يثبت حكمه بالحجة والبرهان الواضح، فمتى رأوا منه كفراً بواحاً، فإنهم يحكمون عليه بالكفر مع الاحتياط والتحرز في اللفظ، لا يتعدون الإطلاق الذي أطلقه الكتاب والسنة.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: "التكفير والتفسيق هو إلى الله ورسوله، ليس لأحد في هذا حكم، وإنما على الناس إيجاب ما أوجبه الله ورسوله، وتحريم ما حرمه الله ورسوله، وتصديق ما أخبر به ورسوله". مجموع الفتاوى، ٥/٥٥٤-٥٥٥.
وقال -رحمه الله تعالى-: " (والكفر) هو من الأحكام الشرعية، وليس كل من خالف شيئاً علم بنظر العقل يكون كافراً، ولو قدر أنه جحد بعض صرائح العقول، لم يحكم بكفره حتى يكون قوله كفراً في الشريعة" مجموع الفتاوى، ١٢/٢٢٥.,
فمتى أظهر العبد قولاً أو فعلاً مكفراً، سموا قوله أو فعله كفراً، وقد يطلقون القول بتكفير صاحب هذا العمل غير المعين، فيقولون: من قال أو فعل أو ترك كذا، فهو كافر.
قال شيخ الإسلام -رحمه الله-: في المجموع ٣٥/١٦٥-١٦٦: "وأصل ذلك أن المقالة التي هي كفر قولاً، يطلق كما دل على ذلك الدلائل الشرعية؛ فإن (الإيمان) من الأحكام المتلقاة عن الله ورسوله، وليس ذلك مما يحكم فيه الناس بظنونهم وأهوائهم. ولا يجب أن يحكم في كل شخص قال ذلك، بأنه كافر حتى يثبت في حقه شروط التكفير، وتنتفي موانعه ... وتقوم عليه الحجة بالرسالة، كما قال الله تعالى: {لِئَلا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ} [النساء:١٦٥] .
وقال -رحمه الله- في المجموع أيضاً ٢٣/٤٥٣: "إن القول قد يكون كفراً، فيطلق القول بتكفير صاحبه، ويقال: من قال كذا، فهو كافر، لكن الشخص المعيّن الذي قاله، لا يحكم بكفره حتى تقوم عليه الحجة التي يكفر تاركها". وانظر أيضاً المجموع، ٧/٦١٩.
فكلام شيخ الإسلام هذا، يعطي مزيداً من الوضوح لمنهج السلف، في الحكم بالكفر، وإقامة الحجة على المرء، يكون إما بتعليمه -إن كان جاهلاً- أو بإزالة شبهته وإظهار الحق له بالدليل -إن كان من أهل النظر والاستدلال- وهكذا، فهو بعد ذلك إما أن يرجع، أو يستكبر ويصر على ما هو كفر من قول أو فعل، فهنا الحكم عليه بالارتداد، ويجرى عليه عقوبة الحد، ويلزمه أحكام المرتدين.
رابعاً: حكم من كفّر مسلماً:
علمنا فيما تقدم من الأحاديث، أن من رمى أخاه بالكفر، فإن أحدهما ييوء به، فإن كان

<<  <  ج: ص:  >  >>