للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من أهل النقيع يجادلونك وينازعونك في شأننا، وأنهم ينسبوننا إلى السكوت عن بعض الأمور، وأنت تعرف أنهم يذكرون هذا غالباً على سبيل القدح في العقيدة، والطعن في الطريقة، وإن لم يصرحوا بالتكفير، فقد حاموا حول الحمى، فنعوذ بالله من الضلال بعد الهدى، ومن الغي عن سبيل الرشاد والعمى.


كما قال، وإلا رجعت إليه. فهل يحكم بالكفر على من كفر أخاه المسلم، ولم يكن كذلك؟
إننا بالنظر إلى هذه الأحاديث، نجد أن للعلماء فيها تأويلات عدة؛ لذا قال النووي -رحمه الله- في شرح صحيح مسلم ٢/٤٠٩، عند شرحه لحديث: ((فقد باء به أحدهما)) قال: "هذا الحديث مما عده بعض العلماء من المشكلات، من حيث إن ظاهره غير مرا، وذلك أن مذهب أهل الحق، أنه لا يكفر مسلم بالمعاصي، كالقتل والزنا، وكذا قوله لأخيه كافر، من غير اعتقاد بطلان الإسلام".
وهنا أكتفي بذكر ما تبين من أقوالهم وهو:
ألاً: أن هذه الأحاديث وردت للزجر والتحذير للمسلم، من أن يقول ذلك لأخيه المسلم.
ثانياً: أنه لا يقطع بتكفير من أخطأ في التكفير متأولاً؛ كقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه لحاطب إنه منافق، فقال النبي صلى الله عليه وسلم-: ((وما يدريك لعل الله اطلع إلى أهل بدر ... الحديث)) أخرجه البخاري في صحيحه، ٨/٣٥٤، كتاب الأدب. وعليه بوب فقال: بال من لم ير إكفار من قال ذلك متأولاً أو جاهلاً".
أما من كفر مسلماً بلا تأويل، فإن هذا يحكم عليه بالكفر، وعليه بوّب البخاري -رحمه الله- فقال: "باب من كفر أخاه بغير تأويل، فهو كما قال". صحيح البخاري، ٨/٣٥٣، كتاب الأدب.
قال النووي -رحمه الله-: "ولو قال لمسلم: يا كافر، بلا تأويل، كفر، لأنه سمى الإسلام كفراً". روضة الطالبين وعمدة المتقين، للإمام النووي، المكتب الإسلامي، بيروت، لبنان، ط/٢، ١٤٠٥هـ، ١٠/٦٥.
وقال الحليمي في المنهاج، ٣/١٠٩ -بعد ما أورد حديث: ((فقد باء به أحدهما)) – قال: "يحتمل أن يكون معنى ذلك، أنه إن وصف ما عليه أخوه المسلم بأنه كفر، فقد كفر نفسه، ولو لم يكن على أخيه شيء. وإن كان المقول ذلك يبطن الكفر ويظهر الإسلام، فقد صدق عليه، وليس على قائله شيء".
وانظر الإعلام بقواطع الإسلام، مطبوع مع كتاب "الزواجر على اقتراف الكبائر" كلاهما لأحمد بن حجر المكي الهيتمي (ت ٩٧٤هـ) ، ط/٢ الحلبي بمصر، ١٣٩٠هـ - ١٩٧٠م، ٢/٣٤٠-٣٤٤. وأحكام المرتد في الشريعة الإسلامية، لنعمان عبد العزيز السمرائي، دار العربية للطباعة والنشر، بيروت، ص١١٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>