للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الخوارج (١) ، والمرجئة (٢) ، ونحوهم من أهل الأهواء، فافهم هذا، فإنه مضلة الأفهام، ومزلة الأقدام.


(١) الذين يكفرون مرتكبي الكبير. وقد تقدمت ترجمتهم، وبيان مذهبهم في ص١٧٩.
(٢) المرجئة: اسم مشتق من الإرجاء، وهو على معنيين: الأول التأخير، والثاني: إعطاء الرجاء. ويصدق إطلاق كلا المعنيين على المرجئة؛ فعلى الأول: لأنهم يؤخرون الأعمال عن الإيمان، أي أنها لا تدخل في مسمى الإيمان. وعلى الثاني: لأنهم يعطون رجاء الفوز والسعادة في الآخرة، لمن لم يعمل.
انظر: الملل والنحل، ١/١٣٩. ولسان العرب، ١/٨٤.
فالمرجئة -كما يقول ابن في النهاية، ٢/٢٠٦-: هم فرقة من فرق الإسلام يعتقدون أنه لا يضر مع الإيمان معصية، كما أنه لا ينفع مع الكفر طاعة. وهؤلاء هم المرجئة الخالصة. وانظر: الملل والنحل، ١/١٣٩. قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: "والفقهاء منهم؛ مثل حماد بن أبي سليمان، وأبي حنيفة، متفقون مع سائر أهل السنة على أن الله يعذب من يعذبه من أهل الكبائر بالنار، ثم يخرجهم بالشفاعة. مجموع الفتاوى، ١/٣٣٨. وقال في محل آخر: "وقالت المرجئة -مقتصدهم وغلاتهم كالجهمية- قد علمنا أن أهل الذنوب من أهل القبلة، لا يخلدون في النار، بل يخرجون منها كما تواترت بذلك الأحاديث". مجموع الفتاوى، ١/٣٤٨.
وقال ابن منظور في اللسان، ١/٨٤: "المرجئة: صنف من المسلمين، يقولون: الإيمان بلا عمل. كأنهم قدموا القول وأرجوا العمل، أي أخروه". لسان العرب، ١/٨٤.
والمرجئة: فرق متعددة، ذكرها علماء الفرق في مصنفاتهم؛ كالأشعري في [المقالات، ١/٢١٣-٢٢٣] ، والبغدادي في [الفرق بين الفرق، ص٢٠٢-٢٠٥] ، والشهرستاني في [الملل والنحل، ١/١٣٩-١٤٦] .
وكل تلك الفرق التي ذكروها عائدة إلى ما ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-؛ إذ صنفهم إلى ثلاثة أصناف، فقال: والمرجئة ثلاثة أصناف:
الأول: الذين يقولون: الإيمان مجرد ما في القلب، ثم من هؤلاء من يدخل فيه أعمال القلوب، وهم أكثر فرق المرجئة، ومنهم من لا يدخلها في الإيمان، كجهم ومن تبعه كالصالحي.
والثاني: من يقول هو مجرد قول اللسان، وهذا لا يُعرف لأحد قبل الكرامية.
والثالث: تصديق القلب وقول اللسان. وهذا هو المشهور عن أهل الفقه والعبادة منهم. انتهى. مجموع الفتاوى، ٧/١٩٥.
يعني بأهل الفقه والعبادة، الإمام أبا حنيفة وأصحابه، فهم يقولون بهذا القول، ويقولون: إن أعمال الجوارح لازمة لإيمان القلب، أو جزء من الإيمان، كما يتفقون مع بقية أهل السنة في أن مرتكب الكبير لا يخرج من الإيمان، بل هو في مشيئة الله.
انظر: شرح العقيدة الطحاوية، ٣١٣-٣١٤. ومجموع الفتاوى، ٣/١٥١.

<<  <  ج: ص:  >  >>