(٢) الحديث بهذا اللفظ أورده ابن الأثير في النهاية، ١/١٦٢. وقد أخرجه الإمام البخاري في صحيحه مع الفتح، ١٠/٤٥٧، الأدب باب، إثم من لا يأمن جاره بوائقه، عن أبي شريح، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((والله لا يؤمن، والله لا يؤمن، والله لا يؤمن، قيل من يا رسول لله، قالك الذي لا يأمن جاره بوائقه)) .. وأخرجه مسل في صحيحه بشرح النووي، ٢/٣٧٧، الإيمان، باب تحريم الجار، بلفظ: " لا يدخل الجنة من لا يأمن جاره بوائقه "، وبهذا اللفظ أخرجه الإمام أحمد في مسنه، ٢/٣٧٣. (٣) قال النووي -رحمه الله- في شرحه لحديث ((لا يزني الزاني)) : هذا الحديث مما اختلف العلماء في معناه، فالقول الصحيح الذي قاله المحققون، إن معناه: لا يفعل هذه المعاصي وهو كامل الإيمان. وهذا من الألفاظ التي تطلق على نفي الشيء ويراد نفي كماله، كما يقال: "لا عيش إلا عيش الآخرة". شرح صحيح مسلم للنووي، ٢/٤٠١. يؤيد هذا التأويل حديث أبي ذر –رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((ما من عبد قال: لا إله إلا الله، ثم مات على ذلك إلا دخل الجنة)) ، قلت: وإن زنى وإن سرق قال وإن زنى وإن سرق)) قال: وإن زنى وإن سرق، على رغم أنف أبي ذر)) . رواه البخاري في صحيحه مع الفتح، ٣/١٣٢، الجنائز، باب في الجنائز، ومن كان آخر كلامه "لا إله إلا الله"؛ ومسلم في صحيحه بشرح النووي، ٢/٤٥٦، الإيمان، باب من مات لا يشرك بالله سيئاً دخل الجنة، وفي كتاب الزكاة، ٧/٨٠، باب الترغيب في الصدقة؛ والترمذي في سننه، ٥/٢٧، الإيمان، باب ما جاء في افتراق هذه الأمة. فيفهم من هذا الحديث عدم تكفير النبي صلى الله عليه وسلم لفاعل هذه الأمور، بل هو صريح، بل هو صريح بجواز دخول الجنة، فهو مسلم عصى ربه، وهذا ما أكده في حديث عبادة بن الصامت رضي الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال -وحوله عصابة من أصحابه-: ((بايعوني على أن لا تشركوا بالله شيئاً، ولا تسرقوا، ولا تزنوا، ولا تقتلوا أولادكم، ولا تأتوا ببهتان تفترونه بين أيديكم وأرجلكم، ولا تعصوا في معروف، فمن وفى منكم، فأجره على الله، ومن أصاب من ذلك شيئاً فعوقب في الدنيا فهو كفارة له، ومن أصاب من ذلك شيئاً ثم ستره الله، فهو إلى الله، إن شاء عفى عنه وإن شاء عاقبه فبايعناه على ذلك)) صحيح البخاري مع الفتح ١/٨١، الإيمان باب (حدثنا أبو اليماني) . صحيح مسلم بشرح النووي، ١١/٢٣٥، الحدود، باب الحدود كفارات لأهلها. سنن الترمذي، ٤/٣٦، الحدود، باب ما جاء أن الحدود كفارة لأهلها. سنن النسائي، ١٧/١٦١-١٦٢، البيعة، باب ثواب من وفّى بما بايع عليه. وهذا الحديث صريح في أن مرتكب الكبيرة، لا يكفر، وإنما هو تحت مشيئة الله تعالى، إن مات على ذلك. وقد نقل الإمام النووي -رحمه الله- إجماع أهل الحق على أن الزاني، والسارق، والقاتل، وغيرهم من أصحاب الكبائر -غير الشرك-، لا يكفرون، بل هم مؤمنون ناقصو الإيمان، إن تابوا أسقطت عقوبتهم (في الآخرة) ، وإن ماتوا مصرين على الكبائر، كانوا في المشيئة، فإن شاء الله تعالى عفا عنهم، وأدخلهم الجنة أولاً، وإن شاء عذبهم، ثم أدخلهم الجنة. شرح صحيح مسلم للنووي، ١٢/٤٠١-٤٠٢. قال ابن قتيبة -رحمه الله-: "وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يؤمن، من لم يأمن جاره بوائقه" يريد:" ليس بمستكمل الإيمان". تأويل الحديث، لأبي محمد عبد الله بن مسلم ابن قتيبة (٢٧٦هـ) ، تصحيح محمد زهري النجار، دار الجيل، بيروت، لبنان، طبعة عام ١٣٩٣هـ-١٩٧٢م، ص١٧١.