للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غير مستند شرعي، ولا برهان مرضي، يخالف ما عليه أئمة العلم من أهل السنة والجماعة، وهذه الطريقة هي طريقة أهل البدع والضلال، ومن عدم الخشية والتقوى فيما يصدر عنه من الأقوال والأفعال.

والفرح بمثل هذه القضيّة قد يكون له أسباب متعدّدة، لا سيّما /و/١ قد كثر الهرج٢، وخاضت الأمة في الأموال والدماء، واشتدّ الكرب والبلاء، وخفي الحق والهدى، وفشى الجهل والهوى، وكثر الخوض والردى، وغلب الطغيان والعمى، وقلَّ المتمسك٣ بالكتاب والسنة، بل قلَّ من يعرفهما، ويدري حدود ما أنزل الله من الأحكام الشرعية، كالإسلام والإيمان٤،...................


١ الواو ساقطة في (ب) .
٢ الهَرْجُ: له معانٍ عدة، منها: الاختلاط، ومنها: الكثرة في المشي، والاتساع، ومنها: الفتنة في لآخر الزمان، ومنها: القتل وكثرته، وغير ذلك، وهذا الأخير هو المراد هنا. لسان العرب ٢/٣٨٩، مادة (هرج) .
٣ في (د) : التمسّك.
٤ يتضح الفرق بين هذين اللفظين (الإسلام والإيمان) بأن النبي صلّى الله عليه وسلّم قد جعل الدين ثلاث درجات: أعلاها الإحسان، وأوسطها الإيمان، وأدناها الإسلام. فكل محسن مؤمن، وكل مؤمن مسلم، وليس كل مؤمن محسناً، ولا كل مسلم مؤمناً، وقد دلّ على هذا الفرق قوله تعالى: {قَالَتِ الأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الأِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ} [الحجرات: ١٤] .
وكذلك يدل عليه أحاديث نبوية عديدة، من بينها: حديث جبريل الطويل، وفيه: عن أبي هريرة رضي الله علنه قال: "كان النبي صلّى الله عليه وسلّم بارزاً يوماً للناس، فأتاه رجل فقال: ما الإيمان؟ قال: الإيمان أن تؤمن بالله، وملائكته، وبلقائه، ورسله، وتؤمن بالبعث، قال: ما الإسلام؟ قال: الإسلام أن تعبد الله ولا تشرك به، وتقيم الصلاة وتؤدّيَ الزكاة المفروضة، وتصوم رمضان، قال: ما الإحسان؟ قال: أن تعبد الله كأنَّك تراه، فإن لم تكن تراه، فإنه يراك ... " الحديث، أخرجه البخاري في صحيحه مع الفتح، ١/١٤٠، كتاب الإيمان، ومسلم في صحيحه بشرح النووي، ١/٢٧٠-٢٧٣، وأبو داود في سننه، ٥/٧٢؛ والترمذي في سننه ٥/٨، والنسائي ٨/٩٧-٩٨؛ وابن ماجه في سننه ١/١٤. ولكن لفظ الإسلام يراد به تارة الدين كله، وكذلك الإيمان، كما في قوله تعالى: {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الإِسْلامُ} ، وقوله صلّى الله عليه وسلّم " الإيمان بضع وسبعون شعبة ... ". وتارة يراد بالإسلام الأمور الظاهرة، وبالإيمان الأمور الباطنة، كما في حديث جبريل السابق، وانظر في الفرق بين اللفظين: كتاب "الإيمان لابن تيمية" ص٨، مجموع الفتاوى، لشيخ الإسلام ٧/٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>