للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التصريح من هؤلاء المسافرين، والأدلة، من الكتاب والسنة، ظاهرة متواترة على ما ذكره الشيخ؟ (١) وهو موافق لكلام المتأخرين في إباحة السفر لمن أظهر دينه (٢) ، ولكن الشأن كل الشأن في إظهار الدين، وهل اشتدّت العداوة بينه صلّى الله عليه وسلّم وبين قريش، إلا لما كافحهم بمسبة دينهم، وتسفيه أحلامهم، وعيب آلهتهم (٣) ؟!

وأي رجل تراه يعمل المطي جاداً في السفر إليهم، واللحوق بهم، حصل منه، ونُقِل عنه ما هو دون هذا الواجب. والمعروف المشتهر عنهم ترك ذلك كله بالكليّة، والإعراض عنه، واستعمال التقيّة، والمداهنة (٤) . وشواهد هذا كثيرة شهيرة، والحسيات، والبديهيات غنيّة عن البرهان.

الوجه الثاني:

إنّ قتال من هجم على بلاد المسلمين- من أمثال هؤلاء- فرض عين، لا فرض


(١) ومن ذلك قوله تعالى: {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ لا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ} إلى آخر السورة. فقد أمره تعالى بأن يخاطبهم بأنّهم كافرون، ويصرّح لهم بأنّهم على الشرك، وأنّه على دين الله بريء مما هم عليه. وقوله تعالى: {قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي شَكٍّ مِنْ دِينِي فَلا أَعْبُدُ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ أَعْبُدُ اللَّهَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} [يونس:١٠٤] .
٢" المراد بإظهار الدين هو: أن يكون المسلم قادراً على التصريح للكفار بالعداوة، والبراءة، وليس المراد أن يترك الإنسان يصلي، ولا يقال له أعبد الأوثان! انظر: النجاة والفكاك من موالاة المرتدين وأهل الشرك، لحمد بن علي بن عتيق، دار القرآن الكريم، بيروت، ط/٥، ١٤٠٠هـ، ص ٦٧. الدفاع عن أهل السنة والأتباع، لحمد بن علي بن عتيق، دار القرآن الكريم، بيروت، ط/٢، ١٤٠٠هـ، ص ١٧
(٣) والآيات في ذلك كثيرة جدا، منها قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ فَادْعُوهُمْ فَلْيَسْتَجِيبُوا لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ أَلَهُمْ أَرْجُلٌ يَمْشُونَ بِهَا}
إلى آخر الآيات [الأعراف: ١٩٤-١٩٨] . وقوله تعالى: {وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ} الآية [الأحقاف:٥]
(٤) وهذا أقل ما يمكن قوله في المتعاملين معهم اليوم، بل قد يكون من يكتفي بذلك أحسنهم حالاً. فإنّك تأسف لو ابتليت بسماع أحاديث بعض المتردّدين إليهم من شبابنا، وما تصدره ألسنتهم من ألفاظ نابية؛ مثل: أهل ذلك البلد (ما شاء الله) ، تقدّم، حضارة، حرّية، إنسانيّة، مديّة، ونحوها، من غير شعور، وإدراك لفحوى تلك الألفاظ. فضلاٍ عن التقليد الصّارخ في العادات، من لباس، ولغات، وغيرهما، فأصبح أحسن الصديق هو ذلك المتحدث باللغة الإنجليزية، أو نحوها.
وبعض أولئك-وهو عندهم-يستحي من إقامة الصلاة أمام الملإِ، وأحياناً من أن يعرف بالإسلام، وقد علمت بمن إذا وصل عندهم غيّر اسمه، وتسمى باسم مشابه بما لديهم.
فإذا كان ذلك مما يخافه في نفسه، فكيف يتصور منه التجاسر لنطق كلمة الدعوة فيهم، فضلاٍ عن التصريح لهم بالعداوة؟! فإنا لله وإنا أليه راجعون.

<<  <  ج: ص:  >  >>