للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لله، وتعظيمه، وتوقيره، عن كفر هؤلاء الملاحدة وتعطيلهم، وصار على نصيب، وحظ وافر من مصادمة (١) أعداء الله، ومحاربتهم، ونصر دين الله، ورسله، ومقاطعة من صدّ عنه، وأعرض عن نصرته، وإن كان الحبيب المواتيا، فالحكم لله العلي الكبير. وأين من يباديهم بأنّ ما هم عليه كفر، وضلال بعيد، ومسبّة لله العزيز الحميد، يمانع أصل الإيمان والتوحيد، وأنّ ما هم عليه هو الكفر الجلي البواح، وهو في ذلك على نور من ربه وبصيرة في دينه؟ فسل أهل الريب والشبهات، هل يغتفر الجهل كله، والإعراض عنه علماً وعملاً، ويكتفي بمجرد الانتساب إلى الإسلام، عند قوم ينتسبون /إليه/ (٢) أيضا، وهم من أشد خلق الله كفراً به، وجحداً له، ورداً لأحكامه، واستهزاء بحقائقه.

فإن قالوا: يكتفي بذلك الانتساب، وتبرأ به الذمة، فقد على ما نقلوه، وأصّلوه من دليلهم، بالردّ والهدم. ومن حقق النظر، وعرف أحوال القوم، وسبر، علم أنّ معوّلهم على اتباع أهوائهم، والميل مع شهواتهم. نسأل الله لنا ولهم العافية.

هواي مع الركب اليمانين مصعدٌ (٣) ... أسير (٤) وجثماني بمكة موثقُ (٥)

ومن هان عليه أمره تعالى فعصاه، ونهيه فارتكبه، وحقه فضيّعه، وذكره فأهمله، وأغفل قلبه عنه، وكان هواه آثرٌ عنده من طلب رضاه، وطاعة المخلوق أهم عنده من طاعة ربه، فلله الفضلة من قلبه، وقوله، وعمله، وسواه مقدّم في ذلك فما قدره حق قدره، وما عظّمه حق عظمته. وهل قدّره حق قدره من سالم أعداءه، الجاحدين له، المكذّبين لرسله! وأعرض عن جهادهم، وعيبهم، والطعن عليهم، ولاقاهم بوجه


(١) في (د) : مصارمة. وهي بمعنى المقاطعة. لسان العرب، ١٢/٣٣٥، مادة (صرم) .
(٢) بياض في (ب) .
(٣) في (د) : (مصعداً) .
(٤) الرواية المشهورة: (جنيب) ، بدلاً من (أسير) . وفي (ب) : يسير.
(٥) البيت لجعفر بن علبة الحارثي. انظر: جواهر البلاغة في المعاني والبيان البديع، لأحمد الهاشمي، دار إحياء التراث العربي، بيروت، ط/١٢، ص٣٣٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>