للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

منبسط، ولسان عذب، وصدر منشرح، ولم يراع (١) ما وجب عليه من إجلال الله، وتعظيمه، وطاعته، جراءة على ربه، وتوثباً على محض حقه، واستهانة بأمره!

خلافاً لأصحاب النبي وبدعة ... وهم عن سبيل الحق أعمى وأجهل

الوجه الرابع:

أنّه لا بد في إباحة السفر إلى بلاد المشركين من أمن الفتنة. فإن خاف بإظهار دينه الفتنة بقهرهم، وسلطانهم، أو شبهات (٢) زخرفهم، وأقوالهم، لم يبح له القدوم إليهم، والمخاطرة بدينه. وقد فرّ عن الفتنة من السابقين الأولين إلى بلاد الحبشة (٣) مَنْ تَعلَمُ من المهاجرين؛ كجعفر بن أبي طالب (٤) وأصحابه.

وقد بلغكم ما حصل من الفتنة، على كثير ممن خالطهم، وقدم إليهم، حتى جعلوا مسبّة من نهاهم عن ذلك، وأمرهم بمجانبة المشركين، ديناً يدينون به، ويفتخرون بذكره في مجالسهم، ومجامعهم. وقد نقل نقل ذلك عن غير واحد: {وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِياً وَنَصِيراً} (٥) . وبعض من رحل إليهم من جهتكم، حمل رسائلهم، ومكاتباتهم إلى أهل الإسلام، يدعونهم إلى الدخول تحت طلعتهم، ومسالمتهم، وأن تضع الحرب أوزارها بينهم وبين من كاتبوه، واستحسن ذلك (٦) كثيرٌ من الملإ. والله المستعان.

وقد شاع لديكم خبر من افتتن بمدحهم، والثناء عليهم، ونسبتهم إلى العدل،


(١) في (ج) ، و (د) : (ولم يراعي) . وهو خطأ، والصواب حذف الياء؛ لأنه مجزوم بلم.
(٢) في (د) : (شهادة) .
(٣) وكان خروجهم إلى الحبشة للهجرة الأولى، في رجب سنة خمس من البعثة. وكانت أول هجرة في الإسلام. سيرة ابن هشام، ١/٣٢١-٣٢٢. البداية والنهاية، ٣/٦٤.
(٤) جعفر بن أبي طالب، أبو عبد الله، السيد الشهيد، هاجر الهجرتين، وهو أخو علي بن أبي طالب رضي الله عنه، استشهد في غزوة مؤتة عام (٨هـ) .
انظر ترجمته: أسد الغابة، ١/٣٤. سير أعلام النبلاء، ١/٢٠٦.
(٥) سورة الفرقان: الآية (٣١) .
(٦) في (د) : (واستحسن كون ذلك) .

<<  <  ج: ص:  >  >>