للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وحسن الرعاية، إلى ما هو أعظم من ذلك وأطم، من مشاقة الله ورسوله، واتباع غير سبيل المؤمنين. ومن لم يشاهد هذا منكم، ولم يسمعه من قائله، قد بلغه وتحققه.

فأجهل الخلق وأضلهم عن سواء السبيل، من ينازع في تحريم السفر إليهم، والحالة هذه، ويرى حله، وجوازه.

الوجه الخامس:

أنّ سدّ الذرائع، وقطع الوسائل، من أكبر أصول الدين وقواعده (١) ،وقد رتّب العلماء على هذه القاعدة من الأحكام الدينيّة-تحليلاً وتحريماً- ما لا يحصى كثرة (٢) ، ولا يخفى أهل العلم والخبرة. وقد ترجم شيخ الدعوة النجديّة (٣) -قدس الله روحه- لهذه القاعدة في كتاب التوحيد له، فقال: باب ما جاء في حماية المصطفى صلّى الله عليه وسلّم جناب التوحيد، وسدّه كل طريق يوصل إلى الشرك؛ وساق بعض أدلّة هذه القاعدة (٤) .

وقد قُرِئَت علينا في الرسالة المدنية، لشيخ الإسلام ابن تيمية، أنّ اعتبار هذا من محاسن مذهب مالك. قال: ومذهب أحمد قريب منه في ذلك (٥) . ولو أفتينا


(١) انظر قاعدة سد الذرائع، في: أصول الفقه، لمحمد أبي زهرة، دار الفكر العربي، ص٢٨٧.
(٢) من ذلك على سبيل المثال: النهي عن البيع بعد النداء؛ لأنه وسيلة إلى ترك السعي إليها. النهي عن الاحتكار؛ لأنه ذريعة إلى التضييق على الناس. النهي عن التصوير؛ لأنه ذريعة إلى الشرك، بعبادة تلك الصور فيما بعد، كما حدث في عهد نوح عليه السلام.
(٣) هو الشيخ محمد بن عبد الوهاب.
(٤) ومن تلك الأدلة: قوله صلّى الله عليه وسلّم:" لا تجعلوا بيوتكم قبوراً، ولا تجعلوا قبري عيداً، وصلّوا عليّ؛ فإنّ صلاتكم تبلغني حيث كنتم ". سنن أبي داود، ٢/٥٣٤، المناسك، باب (زيارة القبور) . مسند الإمام أحمد، ٢/٢٦٧.
فأمر صلّى الله عليه وسلّم بتحري العبادة في البيوت، وعدم تعطيلها عن العبادات، فتكون بمنزلة القبور، كما نهى عن تحري العبادة عند القبور؛ حيث إنّ ذلك قد يوصل إلى عبادتها.
(٥) لم أجد هذا الكلام في الرسالة المنية. وهي رسالة صغيرة مطبوعة في (٣٢) صفحة بالحجم الصغير، يوجد نسخة منها في مكتبة الدراسات العليا بالجامعة الإسلامية، بالمدينة المنورة.

<<  <  ج: ص:  >  >>